بسم الله الرحمن الرحيم
مع أن نعم الله تلاحقنا في كل نفس يملأ الصدر بالهواء وكل خفقة تدفع الدماء في العروق , فنحن قلما نحس ذلك الفضل الغامر أو نقدر صاحبه ذا الجلال والإكرام ..
قد نشعر ببعض الظروف المواتية أو ببعض الجمال في بيئة مريحة ممتعة , وعلى مافي هذا الشعور من نقص - لانقطاعه عن الله وسوء إدراكنا لنعماه - فكم تظن من الناس يملكه هذا الشعور !!؟ قلة لا تذكر ...!؟
(الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا , إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لايشكرون , ذلكم الله ربكم خالق كل شئ , لا إله إلا هو فأنى تؤفكون , كذلك يؤفك الذين كانوا بآياتنا يجحدون , الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ,ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين ) غافر 61-64
فهل بعد هذا البيان أدينا حق الله ...
يظهر أن شكر النعم ثقيل وأننا على قدر ما نأخذ ونحتاج , على قدر ما نستخف وننسى .
بل أن كثيرا من الناس يتناول نعم الله وكأنه يسترد حقا مسلوبا منه , أو ملكا خاصا به ومن ثم فهو لايرى لأحد فضلا عليه وبهذا التفكير لاثمر صنيع ولايجئ شكر .
وتلك العلة في أنك تمتد أياديك بيضلء لأناس وتبذل لهم جهدا محمودا , وحين تستقر في ايديهم ما صنعت من أجلهم نظروا اليك جامدين أو ودعوك بكلمات باردة , م ولوا عنك ..!؟؟؟!
هل يغضبك المسلك .. هكذا صنعوا مع ربك وربهم فقال : (وقليل من عبادي الشكور ) ...
ولكن الاسلام وجه للشكر .. ومن حسن صنائع المعروف لمن يكون في نفسه السماحة والاكرام .. فقد قال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ( من اصطنع اليكم معروفا فجازوه ,فإن عجزتم عن مجازاته فادعوا له , حتى تعلموا أنكم قد شكرتم ,فإن الله شاكر يحب الشاكرين )
(من أعطى عطاءً فوجد فليجز به ,فإن لم يجد فليثن . فإن من أثنى فقد شكر , ومن كتم فقد كفر ) ...
وقال ايضا - صلى الله عليه وسلم - (إن أشكر الناس لله تبارك وتعالى أشكرهم للناس ) ..
وقال ... ( من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير , ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله , والتحدث بنعمة الله شكر , وتركها كفر . والجماعة رحمة والفرقة عذاب ) ..
إلا أن :
الإسلام مع توكيده لواجب الشكر وتحقيره لشأن الجاحدين يطلب من أولى الخير أن يجعلوا عملهم خالصا لوجه الله وأن يبعدوا عن مقاصدهم كل دخل ,فإن غش النية يفسد العمل ويحبط الأجر والمعروف الذي يقبل ويحترم هو الذي يبذله صاحبه بدوافع الخير المحض لايطلب عليه ثناء بشر ولا شكره ,إنما يطيع به أمر الله ويطلب رضوانه ومغفرته .
والإسلام يفرض على العمل الإخلاص يريد أن يحرر القلوب من قيود الإغراض وأن يعلقها بالكمال المطلق ,فهي تفعل الخير عن بواعث تقية أي عن حب مكين له ورغبة قوية في تحقيقه دون النظر الى مدايح الناس أو تطلع الى منزلة بينهم .
والبعد عن الدنية إتقاء ذم الناس ليس خيرا محضا , وتنكشف حقيقة هذا الخير المغشوش عند أمن الناس , ماذا يصنع هذا الانسان عندما يخلو بنفسه ويوقن أن الناس لن يطلعوا على مايفعل أو يترك ..!!!؟؟
إن عشاق الثناء وطلاب الظهور لايبالون عندئذ أن يرتكبوا العظائم ...
ولا تقولوا هذه لله وللرحم ,فإنها للرحم وليس لله منها شئ ..
ولا تقولوا هذه لله ولوجوهكم , فإنها لوجوهكم وليس لله منها شئ ...
يجب أن علينا ان نتوجه بحركات قلوبنا وأيدينا لله رب العالمين , لا تنتظر ثناء ولا إعجابا ولا بروزا ولا ظهورا ولا شكورا ...
مقتبس بتصرف ... للشيخ محمد الغزالى ... جزاه الله خير ...
ومعنى كريم ... جدا ... لمن يريد لنفسه سموا .. وتحليقا ...
وتواضعا لله ... كلما رفعه ...