قصيدة دعونى أهاجر

دعونى أهاجر

وبين المقابر
دعوا القلب يمضى
دعونى أودع زيف الحياة ونبح الحناجر
دعونى .. دعونى
دعونى أهاجر
سئمت الظلام سئمت البريق
سئمت السُبات الذى لايفيق
سئمت الزفير سئمت الشهيق
دعونى وشأنى
دعونى أهاجر
دعونى ألبى نداء القدر
وأخطو بدرب الجماجم كى أهتدى بل لكى أعتبر
دعونى فقد حان وقت السفر
وقبل الرحيل
وقبل الوداع الأخير الأخير
لدى بقلبى سؤال صغير
فرفقا علىّ
ولا تنعتونى ببخس الصفات
ولاتطلقوا من رموز التعجب لالا تقولوا
بأن الحياة لخير إذا قورنت بالممات
فمن قال هذا ؟
ومن قال ذاك؟
فمن عاش موته منكم يقل لى
حياتى هنا أم حياة الممات

ثوان وأمضى
فهل من جوابْ؟
فلم يبق لى فى دروب العذابْ
من الوقت يكفى
لسرد الوقائع سود الوقائع بين الضبابْ
ثوان وأمضى
وأبعد عن عاتيات الرياحْ
لعلى أرى أصل وجه الصباحْ
عسى أن يجف اشتعال الجراحْ
تقولون لا يافتى لا تسافرْ
ولا تمتطى درب تلك المقابرْ
فإن الحياة لقلب حنونْ
ووجه وديعْ
وزهر يداعب همس الغصونْ
ويهدى إلينا شذاه البديعْ
فلا تمتقع إن حواك الزمانْ
ببعض الكروب وبُعد الأمانْ
فلا الشئ يبقى على حاله رغم سير السنينْ
سيأتى السرور فلا تستكينْ
ويُبعد عن خافقيك الأنينْ
ويُبلى الصقيعْ
فمهما يطول اعتصار الشتاءْ
فلابد يوما يجئ الربيعْ
فما القبر إلا انفرادٌ ووحشٌ كئيبْ
وإظلام عمر فظيعٌ فظيعْ
هراءٌ هراءْ
رياءٌ جفاءْ
أناسٌ وباءْ
وحقدٌ بغيضٌ بغير انتهاءْ
قلوبٌ قساه
بهذى الحياه
وليست هناك قلوبٌ قساه
فلا لن أغير دربى الجريحْ
ولن يهدئ القلب أو يستريحْ
بتلك التى تحمل اسم الحياة
ولا لا تقولوا بأن الحياة لخيرٌ
إذا قورنت بالممات
فمن قال هذا؟
ومن قال ذاك؟
فمن عاش موته منكم يقل لى
حياتى هنا أم حياة الممات

عروسى سأمضى
وآت إليك بثوب الزفافِ
وأرسم نقشا على صدره من بريق الجماجم
وبعض العُقلْ
وبعض الجفون وبعض المقلْ
يكون إليك دليل اعترافى
ومهرى إليك ضلوعى عظامى
فإن الذى قد خرجت به من لهيب الحياة
هشيم عظامى
بقايا حطامى
تقولين لا تقبلين الزفاف
تريدين عُرسا عظيم الخيال
وضوءا يعانق صخب الليالى
تريدين قصرا
تريدين منى كثير الجوارى
أغرتك تلك الحياة اللعوبْ
أغرك يوما بريق الألوف
وتلك الشموس التى لاتغيبْ
عروسى
ألا تقبلين الزفاف
إذن سوف أمضى
إلى حيث أعرف معنى الحياة
ولا لاتقولوا بأن الحياة لخيرٌ
إذا قورنت بالممات
فمن قال هذا؟
ومن قال ذاك؟
فمن عاش موته منكم يقل لى
حياتى هنا أم حياة الممات