التسول الوجه الآخر للاحتيال، في غياب القوانين الزجرية لهذا السلوك
مقدمة
لعل من أشد الظواهر الاجتماعية وأكثرها تعقيدا هي ظاهرة التسول، لأنها صارت تضني جسد الأمة العربية برمتها، وليس المغرب فقط، وتلصق بها شر النعوت، والصفات السيئة، فتنامي هذه الظاهرة في مجتمع ما، كيف ما كان نوعه ،يعتبر مؤشرا على هشاشة اقتصاده ،وضعف إمكانياته،وقلة حيلته السياسية ، في تدبير الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لهذا البلد، والنهوض بالتنمية الاجتماعية،فتكاثر عدد المتسولين وانتشارهم بأشكال ملفتة للنظر في الشوارع والأزقة،هو ما يوضح بعمق التخلف المجتمعي.لأنهم بأشكالهم الحزينة وحالاتهم البائسة ،يسيؤون إلى الوجه الحضاري لبلادهم ويؤثرون بطريقة، إن لم تكن مباشرة، فهي ضمنية، على هياكل اقتصادها، هذا إذا علمنا أن جل الدول العربية اليوم تراهن على الاستثمار في السياحة. والتسول يقتل هذه المشاريع.
.
قراءة في التسول
عندما نحاول أن نرسم تعريفا حقيقيا للتسول فإننا نصطدم بالعديد من المعاني التي تبقى مدلولاتها بعيدة عن كنه الظاهرة، التي نعيشها اليوم، ليبقى التفسير الوحيد في العرف الإسلامي هو ذاك الذي يرتبط بالسؤال، والسؤال هو طلب شيء معين يتغير مضمونه ،بتغير جنس الطلب، واستجداء صدقات الناس، هو مجرد حالة منه. وقد جاء في لسان العرب شرح مقتضب: سألته الشيء أي: استعطيته إياه، وفي شرح آخر ـ استخبرته.
لكن التسول من وجهة بعض النفسانيين وعلماء الاجتماع يبقى حالة نفسية تحمل المرء على السؤال، سواء أكان هذا السؤال مشروعاً أم غير مشروع.
ـ إذ كانت الحالة مشروعة، فالسؤال مشروع، لكنه على كل حال، يبقى تسولا اضطراريا يلجأ إليه صاحبه بعدما قلت حيلته، وجار عليه الزمن، وسدت أمامه كل السبل، فلم يجد أمامه سوى مد اليد، مستجديا الصدقة، وهذا الصنف من الناس هم قلة، لأنهم ينتابهم الحرج في اللجوء إلى الاستجداء،ويغلب عليهم التعفف، وقد قال عنهم عز وجل ("للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله فلا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم")) صدق الله العظيم
ـ أما إذا كانت الحالة عير مشروعة، فالسؤال مذموم، ليسقط عنه فعل التسول، ويلبس لباس الغش والتحايل على أرزاق الناس، وما نراه اليوم هو الصنف المذموم من القصد في التسول، وهو عمل لا يرضى عنه الشارع، ولا تقره القوانين الوضعية، باعتباره حالة نفسية تدفع الإنسان إلى اتخاذ السؤال(التسول) حرفة، ليتخلف عن العمل، ولا يستغل ما أعطاه الله من طاقات وإمكانيات لسد حاجته وحاجة من يعول.
وهذا الصنف من الناس هم مجموعة من المحتالين الذين أصبحوا يتفننون في رسم المشاهد البائسة ويرسمون السيناريوهات المؤثرة من أجل ابتزاز الناس والاستيلاء على نقودهم وقد قال رسول الله "ص" في هذا الأمر:((لأن يأخذ أحدكم أحبله، فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره فيبيعها، فيكف بها وجهه، خير له أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه)).فهذه دعوة واضحة إلى العمل والابتعاد عن التسول لأن الخطاب صريح يبني في النفس حب العمل والاجتهاد من أجل الكسب الحلال.
التسول ،إحصاءات
لا يمكن بأي حال من الأحوال الوقوف على رقم حقيقي لعدد المتسولين في المغرب، وما يقدم من أرقام فهي لا تعبر عن حقيقة الأمر، و هذا راجع لعدة أسباب، منها ماهو موضوعي، باعتبار أن المتسول لا يرتبط بمكان معين، يمكن من خلاله رصده،و تتبع حركاته و سكناته، بالإضافة إلى أن هذه العينة تمتاز بحس يقظ ، فهي تدرك بأن السلطات تطاردها ، فبالمقابل تعمل دائما على تطوير وسائل التخفي والابتعاد عن اللجان المكلفة بالبحث عنهم.
أما الشق الغير موضوعي، هو ،أن الجهات المعنية تعمل دائما على التقليص من حجم هذه الأرقام المهولة، والتي هي دائما في تزايد مضطرد ،وقد صرح السيد "عبد الرحيم الهاروشي" لما كان وزيرا للأسرة والتضامن بأن الأرقام التي كانت تقدم إليه تنقصها بعض الدقة والموضوعية.
وكدليل عن هذا الخلل في ألأرقام،فإننا مرة نسمع بأن هناك500000 متسول من أصل 30 مليون نسمة حسب دراسة حديثة أجرتها الرابطة المغربية لحماية الطفولة ،وبالمقابل يأتينا في خبر آخر أن هذا الرقم أي 500000 يخص فقط الأطفال المتسولين وفي إحصاء أخير تصرح السيدة الوزيرة "نزهة الصقلي " بأن البحث الذي قامت به الوزارة سنة 2007 أكد أن عدد المتسولين على الصعيد الوطني يلامس فقط 200 ألف متسول، نسبة النساء تمثل 51 في المائة. وتوضح السيدة الوزيرة بأن المتسولين المحتاجين يمثلون
51.8 في المائة،وهذا النوع سببه الفقر ويخص الأشخاص المهمشين والمحتاجين الذين لم تتح لهم فرص العمل، أما النوع الثاني المتعلق بالتسول الاحترافي ألاحتيالي، فهو يمثل 62.4 في المائة من المجموع، معتبرة أن هذه الوضعية الخطيرة تتطلب تعبئة جميع الفاعلين بالمجتمع.
ومن خلال معاينة هذه النسب ندرك الخلل في التعامل مع الأرقام والنسب ،فحينما نجمع النسبتين الأخيرتين سوف نحصل على(51.8 + 62.4 = 114.2) في المائة فهل هذا معقول؟
وإذا أردنا أن نكون موضوعيين ،ونعتمد على دراسة للمندوبية السامية للتخطيط التي أفادت بأن أكثر من 16 مليون مغربي يعيشون تحت خط الفقر بأقل من دولارين في اليوم فهل يمكن لهذا الرقم الذي يمثل نصف ساكنة المغرب أن يعطينا فقط 200الف متسول ؟أترك للقارئ التعليق على هذا المعطى.وكدليل على هذا الكلام وبإشارة بسيطة فقط ،علينا أن ننتبه جيدا،فكلما حلت مناسبة أو عيد ديني(شهر رمضان مثلا) إلا ووجدنا أنفسنا أمام جيوش جرارة من المتسولين الذين يطاردونك في كل مكان ويغلقون أمامك كل المنافذ.حتى لتشعر أن المغرب كله يتسول.الحقيقة صاعقة ولا يمكن أن نغطيها بالغربال.
الأطفال والتسول
وعلاقة بتسول الأطفال فقد جاء في بحث ميداني أنجز من طرف العصبة المغربية لحماية الطفولة منذ 5 سنوات،وقد تم بالتعاون مع مديرية التعاون الوطني، وبدعم تقني من وزارة الصحة،، بأن 500 ألف طفل مغربي يمارسون عملية التسول بشكل دائم أو موسمي.وهنا يجب نتذكر بأننا نجد أنفسنا أمام نفس الرقم الذي يخص المتسولين بصفة عامة والذي قدمته الرابطة المغربية لرعاية الطفولة،لنؤكد من جديد بأن الإحصاءات يشوبها الكثير من اللبس وبه فإن المتتبع المقبل على دراسة هذه الظاهرة سيبقى دائما تائها بين هذه الإحصاءات.
وقد أوضحت الدراسة بأن الأطفال دون سن السابعة الذين يمارسون التسول يكونون غالبا مع المرافقين. و شريحة الأطفال ما بين سن 8 و12 سنة هم بدون مرافقين وبينت الدراسة ، بخصوص العينة الأولى من الأطفال، أن غالبية المرافقين للأطفال المتسولين هم من النساء حيث تمت مقابلة 250 امرأة جلهن متزوجات أو سبق لهن الزواج، وأشار البحت الى أن أغلب المرافقين ليس لهم أي مستوى دراسي وأن 6 % فقط لهم مستوى التعليم الثانوي. ويعتبر التسول بالنسبة لجل هؤلاء، حسب الدراسة، مصدرا للدخل المالي في حين يعتبره البعض الآخر مجرد مصدر للتعب والحزن والألم، و أن الغالبية العظمى من هؤلاء المتسولين يحصلون على اقل من 50 درهما في اليوم. في حين يحصل الربع منهم على أكثر من 100 درهما. وأفادت لدراسة أن المتسولين الصغار الذين يشكل الذكور 56% منهم، والإناث 44 %، تربطهم في غالب الأحيان بالمرافقين علاقة عائلية (أبوة أو أخوة أو قرابة )، و أن 15% من المرافقين صرحوا بأنهم يلجأ ون إلى استئجار الأطفال لمزاولة نشاطهم بسعر يترواح ما بين 50 و100 درهم في الأسبوع.
أسباب التسول
عندما نحاول الكلام عن الأسباب الدافعة لامتهان التسول فإننا نجد أنفسنا أمام العديد من الدوافع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والثقافية ، التي تتداخل في مابينها لدرجة يصعب فصل بعضها عن الآخر ، وحيث أنها كثيرة ومتشعبة جدا، فإننا سوف نركز على الأهم منها:
• طبيعة الشخصية وضعفها، فالشخصية الاتكالية التي تعتمد في طلب رزقها على الغير هي القابلة لامتهان هذا العمل التسولي .
• انتشار الأمية بالإضافة إلى قلة الوعي والنضج الفكري.
• الغلاء المعيشي ومحدودية دخل الأسر.
• عواقب ظاهرة الجفاف على الفلاحين التي يترتب عنها هجر البوادي والزحف نحو المدن مما يسبب تنامي الأحياء العشوائية الفقيرة
• ارتفاع نسبة البطالة لضعف إمكانية التشغيل.
• ضعف المساعدات المخصصة للأسر المعوزة مع سوء توزيعها والاتجار فيها من طرف بعض المسؤولين.
• غياب استراتيجية واضحة للدولة في التعامل مع الظاهرة والاعتماد دائما على الحلول للترقيعية والمرحلية.
• غياب كبير لدور الجمعيات والمنظمات المدنية المهتمة بالرعاية الاجتماعية و بقضايا الأسرة والطفولة والمعاقين.
• انتشار ظاهرة الطلاق والتفكك الأسري الذي يدفع بالأبناء إلى الخروج إلى الشارع الشارع.ويعتبر المتتبعون للظاهرة، أن الطلاق والإهمال والمرض كابوس ثلاثي الأبعاد مسبب ودافع رئيسي للتسول
• غياب الرقابة الأسرية مما يجعل الأطفال يتجهون إلى مرافقة الأشرار في الشارع والمتشردين مما يدفع بهم إلى التسول بالمحاكاة ثم التعود.
التسول فن وعلم
إن المتتبع لحالات التسول، وسلوك المتسولين يدرك بأن هذا السلوك الاجتماعي قد كان موجودا منذ القدم، وعن المرجعية التاريخية للمتسول، فإننا نجد أن التسول غير متصل بمرجعية تاريخية إنما هو عام في كل المجتمعات فلا يخلو مجتمع من هذه الظاهرة، فحتى المجتمعات الغنية اليوم لديهم متسولين، إلا أن الحالة هته عرفت تطورا كبيرا في أيامنا هذه، بحيث صار المقبلون عليه، يتفننون ويبدعون في إخراج مجموعة من المشاهد التي من شأنها أن توصلهم إلى حافظات نقود المواطنين. فمنهم من لجأ إلى الحيلة ومنهم من استعان بالخبرات العلمية في رسم العاهات وتشكيل الأجسام ورسم الأنماط المبتكرة التي تحدث تأثيرا في النفوس. وهذه الأمور تناولتهاالمنابر الإعلامية وكذلك الأدباء والمفكرون ،سواء منهم العرب أو الأجانب.وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن أديبنا المرحوم الأستاذ نجيب محفوظ أطنب الحديث في روايته "زقاق المدق" عن الشخصية "زيطة"، صانع العاهات.الذي كان يرسم أشكال المتسولين، وحتى الأعمال الدرامية السينمائية تناولت هذا الموضوع.وكتاباتهم لم تكن نابعة من فراغ.فالظاهرة قائمة وموجودة بحدة. ومن أخر الإبداعات في ظاهرة التسول.هو ظهور شبه مقاولات تدفع بالناس إلى التسول .ودورها في هذا العمل هو تأمين الحماية للمتسولين والدفاع عنهم ،عندما يتم القبض عليهم من طرف السلطات.كما أنها أصبحت (هذه العصابات) تتاجر في بعض المناطق بالمدن وتتقاضى عنها سومات كرائية تتغير أجورها حسب أهمية المكان وقوة نشاطه.
وعلاقة بالموضوع فإن المتسول في المغرب له نصيبه من عملية الابتكار والتطور هذه.فمن خلال جولة بسيطة نقوم بها في بعض الأماكن التي يرتادها هؤلاء الناس كالمقاهي ومحطات النقل وأمام المساجد والمقابر سوف نلمس هذه الأمور.وسوف ندرك كم هم مبدعون.فمنهم من يحمل شهادة طبية ويدعي بأنه في حاجة إلى بضع دريهمات لتكملة ثمن الوصفة.وآخر يدعي أنه، تقطعت به السبل، فهو في حاجة لتكملة ثمن تذكرة السفر للعودة إلى بلده.وهذه امرأة تلبس ثوب الحداد لأن زوجها مات ولم يترك لها شيئا، وأخرى تجلس وسط أربعة من الصبية وتدعي بأنها تعول اليتامى.وكذلك هناك فتيات تتراوح أعمارهن بين 12 و16 سنة، يقمن بتوزيع أوراق في المقاهي وفي الحافلات مدعيات بأن الآباء تخلوا عنهن أو طلقوا أمهاتهن ،وتتنوع الحجج وتتنوع الصور ويبقى ذاك الرجل الذي يريد أن يتصدق ببعض من ماله محتارا بين كل هذه النماذج التي تبقى في معظمها صورا مبتكرة للاحتيال،فالمرآة مثلا التي تلبس الحداد يدوم حدادها لعدة سنوات وذاك الذي يريد شراء وصفة الدواء، تمر عليه الشهور وهو دائما لا يحصل على ثمن الوصفة وهلم جرا.
آثار التسول على المجتمع
من أهم الآثار السلبية التي يمكن أن يحدثها التسول سواء على لأفراد أو المجتمع هي:
• انتشار البطالة بنسب عالية بحكم أن المتسولين هم في بطالة مقنعة.
• الاعتياد على الكسل والاتكال والخمول والفراغ مع فقدان الإحساس بقيمة الوقت .
• تراجع الإنتاجية.
• كثرة المتسولين يؤثرون على سمعة البلد ويسقطون هيبة الأمة.
• تنامي حالة الجريمة للصراعات التي تنشأ بين المتسولين الصغار واليافعين منهم،كما أن المتسولات من الفتيات والنساء هن عرضة للإغتصاب والاعتداءات الجنسية المتكررة.
علاج ظاهرة التسول
ليس الأمر سهلا كما يتصوره البعض.لأننا ندرك ،بل لنا اليقين التام بأنه مهما اتخذت من تدابير في معالجة هذه الظاهرة، فإن التسول سيظل موجودا، لكن من الناحية الإيجابية ستكون قد تراجعت أرقامه بشكل واضح.أقول القضاء التام هو مستحيل،لأن الأمر يتعلق بالعقليات والتنشئة الاجتماعية للبشر،"فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم."
إذن من بين الحلول التي أراها ممكنة للتقليل من هذه الآفة واتي ظل بعض المهتمين بقضايا الأسرة والطفولة ينادون بها هي:
• يجب فتح المجال أمام أفواج العاطلين وحملت الشواهد منهم بالعمل على خلق وظائف تضمن لهم معيشة محترمة.
• وضع برنامج حقيقي لإحصاء هذه الشريحة من المتسولين والتعامل مع هذه الأرقام بموضوعية دون إخفائها وتزويرها للوقوف الفعلي على حجم الحالة .
• توسيع دور الرعاية الاجتماعية من خلال خلق صندوق حقيقي لرعاية الأسر المعوزة مع وضع رقابة صارمة على عملية تصريف هذه المساعدات للناس الذين يستحقونها.
• خلق مأوي ودور لاحتضان المتشردين والمحاجين المعوزين من أصحاب العاهات والمعوقين.
• محاربة ظاهرة التسرب والهدرالمدرسي بوضع برامج حقيقية نابعة من دراسة ميدانية وليس التنظير لها من خلف مكاتب الوزارة المعنية.
• وضع قوانين زاجرة للحد من التسول مع تفعيل هذه المساطر.
• تقديم المنح والوسائل اللوجيستيكية للجمعيات والمنظمات المدنية من أجل القيام بأدوارها في هذا المجل باعتبارها شريكا أساسيا في التنمية الاجتماعية.
• خلق برامج ونشرات تحسيسية (منابر إعلامية،مدارس ومساجد)للتوعية و محاربة الظاهرة.
• خلق أوراش للشغل متوسطة، لإعادة إدماج المتسولين ومدهم بفرص التكوين في مجالات الشغل ليتحولوا إلى عناصر منتجة في المجتمع و فاعلة.
• تحمل أعضاء الحكومة المسؤولية كل حسب موضعه والتعامل مع الظاهرة كوباء متفشي في الأمة وليس مجرد برنامج عادي.مع التفعليل الحقيقي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها صاحب الجلالة محمد السادس لأنها تمثل رؤية حكيمة لمعالجة مثل هذه الآفة.
نجيب الأسد من العيون
Najibo2009otmail.fr
[b]