[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يأتي رمضان هذا العام في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية, مما يظهر لأول مرة أهمية تحقيق البعد الاقتصادي في وجبات هذا الشهر الكريم, وذلك بأن يكون أساسها الاعتدال في تناول الطعام والشراب, لذلك كانت القاعدة المثالية في التغذية تحقيقا لقوله تعالي( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).. ومع عدم الإسراف في الطعام, يشترط في التغذية الصحية الاقتصادية أن تحقق للجسم الشعور بالشبع عند تناوله لأقل كميات منها وتوفر احتياجاته الضرورية من المغذيات المختلفة.
ويقول الدكتور مصطفي نوفل أستاذ علوم الأغذية بجامعة الأزهر إنه لاختيار الأغذية الاقتصادية التي يتم بتناول القليل منها تحقيق الشبع للجسم, قامت أحدث الدراسات بمقارنة قوة شبع تناول نفس العدد من السعرات الحرارية لأغذية مختلفة.. ومقارنة بالخبز الأبيض, جاءت البطاطس المسلوقة بدون إضافات دهنية, علي قمة الأغذية الاقتصادية لأنها أعطت قوة شبع تزيد3 مرات عن الخبز, والبطاطس في صورة أخري ـ محمرة مثلا ـ ليست لها قوة شبع جيدة, لأن إحساس الشبع بعد تناولها كان يزيد فقط بنحو1.1 مرة عن الخبز, وهذه النتائج تفسر سبب استخدام البطاطس في الماضي لمحاربة المجاعة ونقص الأغذية في مناطق مختلفة من العالم.
وبالإضافة إلي تميز البطاطس المسلوقة بقوتها المحققة للشبع, فإنها تعتبر مصدرا جيدا للبوتاسيوم والألياف وفيتامينات سي, ب1, ب6 والنياسين وبنتوثينيك, والنحاس, وبها كميات متفاوتة من البروتين والكربوهيدرات, لذلك لم يكن غريبا أن تختار منظمة الأغذية والزراعة' فاو', عام2008 ليكون هو السنة الدولية للبطاطس إظهارا لأهميتها الغذائية والاقتصادية, وللدعوة لمزيد من الاهتمام بإنتاجها عالميا.
ومع البطاطس المسلوقة, وجد إن الأسماك والبرتقال لها قوة شبع تزيد مرتين عن الخبز, ومن بين الفواكه, فإن قوة إشباع البرتقال تزيد عن الموز والعنب والتفاح, أما البقول كالعدس وغيره والبيض والجبن والأرز فلها قوة شبع تزيد1.5 عن الخبز, ووجد أن الخبز الأسمر يشبع أكثر من الأبيض, والفيشار من الأغذية المالئة التي لها قوة شبع تزيد عن الحلوي أو الفول السوداني بنحو مرتين, ومن بين الأغذية الضعيفة في تحقيق الشبع الزبادي والفول السوداني والمخبوزات والآيس كريم.
وأضاف الدكتور مصطفي نوفل أن من العوامل التي قد يرجع إليها اختلاف قوة الإحساس بالشبع بين الأغذية مكوناتها الكيميائية, فالبقول ومنها العدس ـ مثلا ـ تحتوي علي مركبات تؤخر من امتصاصها في الجسم بعد تناولها, مما يعطي شعورا بالشبع والامتلاء لمدة أطول, وبالنسبة لمكونات الغذاء وتأثيرها علي قوة تحقيقه للشبع والامتلاء, أظهرت التحاليل الإحصائية أن زيادة محتوي البروتين والألياف والماء في الأغذية, يزيد من تأثيرها الإيجابي لتحقيق الشبع, والترمس أيضا, وجد أنه يحقق الشبع ويقلل من تناول الطعام, وتم اختبار ذلك بإضافة دقيقه في تصنيع الخبز, ويرجع تأثير الترمس المحقق للشبع إلي محتواه من البروتين والألياف وهي مكونات الأغذية المؤثرة علي الشهية والمخفضة للمتناول الغذائي من السعرات الحرارية, بالإضافة إلي بعض المعادن كالمنجنيز والكالسيوم والمغنسيوم والزنك والفسفور والحديد والنحاس, وبعض الفيتامينات مثل ب1 وحمض الفوليك.
والأغذية الدهنية لا يظهر أنها تحقق الشبع بدرجة جيدة, وهو عكس ما قد يتوقعه البعض, فمحتوي دهون الأغذية يرتبط سلبيا بقوة تحقيقها للشبع, أي أن الأغذية الغنية بالدهون أقل إشباعا للجوع, وقد يفسر ذلك بأن الجسم يري أن الدهن وقود يجب أن يستخدم فقط في الحالات الطارئة, لذلك فالجسم يخزن الدهن في خلاياه بدلا من تكسيره للاستخدام الفوري, وحيث أن الجسم لا يعتبر الدهون طاقة من أجل الاستخدام الفوري, فإنه لا يرسل إلي المخ إشارات تفيد إشباع الجوع عند تناولها, فيستمر في تناول المزيد منها, وأيضا فإن الأغذية عالية السكر مثل الحلوي منخفضة في تحقيق الشبع.
وهكذا تظهر ملاحظة ـ قد تكون لها دلالة ساخرة ـ وهي أن الأغذية الأعلي في جودة المذاق والصفات الحسية الممتازة المحققة للاستساغة, وهي التي تكون عادة غنية بالسكر والدهن مثل الحلوي المختلفة, يحقق تناولها أقل إحساس بالشبع, وقد يفسر ذلك بأن الجسم يحصل علي السعرات الحرارية المحددة له من هذه الأغذية قبل أن يتناول الكفاية منها التي تشعره بإحساس الشبع.