تكفي شخصية الزعيم الراحل جمال عبدالناصر لحالة الترقب السائدة انتظارا لمسلسل «ناصر»، والذي بدأت أحداثه بميلاد جمال وذهابه للعيش مع عمه حتي يكون قريبا من المدرسة ولم يلبث أن جاءته أول صدمة في حياته بوفاة الطفلة قمر جارته تحت عجلات سيارة ضابط إنجليزي ثم وفاة والدته لتحمله المسئولية. بدأت علامات الزعامة تظهر مبكرا علي جمال حتي إنه شارك في المظاهرات وهو في الابتدائية
ومع دخوله الكلية الحربية تعرف علي عبد الحكيم عامر وزكريا محيي الدين وأنور السادات. وكان صدامه مع قائده في منقباد سببا في سفره إلي السودان لكنه لم يلبث أن عاد إلي مصر وبدأ تكوين جماعة في الجيش ترفض الاحتلال ثم جاءت حرب فلسطين ليسافر الجيش المصري إلي هناك ويشارك جمال تاركا خلفه زوجته تحية مع ابنتيه هدي ومني لتنتهي الحلقة العاشرة بحصاره في الفالوجة.
تميز المسلسل المصري السوري بجودة الصورة وجمالها حيث تفوق مدير التصوير وليد كمال الدين ومهندس الديكور عادل المغربي كما يحسب للمسلسل بعده عن التطويل وهو أمر يتميز به الكاتب الكبير يسري الجندي وجاءت الموسيقي التصويرية لتعطي مذاقا خاصا لأحداث المسلسل لرضوان نصري.
أما من حيث الأداء ورغم تشكيك البعض فيه، إلا أن مجدي كامل ظهر حتي الآن بصورة مناسبة للغاية وأداء عقلاني متميز دون لجوء إلي الخطابة أو الزعيق بدون مناسبة وجاء أداء محمد وفيق وشيرين جيدا فيما تألق صلاح عبد الله كالعادة وجاء أداء سوسن بدر ناضجا يحمل خبرة السنين، أما المفاجأة فكانت ظهور وفاء عامر كضيفة شرف في الحلقة الأولي فقط في دور سيظل في تاريخها.
وقع المسلسل في العديد من الأخطاء منها مثلا مشهد قتل الطفلة قمر دون أثر لنقطة دم واحدة، إلا أنه ومع تقدم الأحداث وبدء حرب فلسطين بدأ كم من المبالغات منها مثلا وجود ضباط في الجيش المصري يتحدث جميعهم ويا للغرابة باللهجة السورية! وكان المشهد كوميديا للغاية عندما أتي جندي يهودي من خلف جمال ليقتله وظل يقترب منه دون أن يطلق النار ورأي جمال انعكاسا لصورته، لكنه ظل ساكنا هو الآخر وظل الجندي يتقدم رافضا إطلاق النار حتي صار علي بعد خطوة منه واستعد لإطلاق النار وهنا التف جمال وأخرج مسدسه وأطلق رصاصة علي الجندي في مشهد يذكرك بروايات رجل المستحيل! وكانت الطامة الكبري أثناء حصار الفالوجة وبينما تقترب المؤن علي النفاد ويرمي اليهود منشورات تطالب المصريين بالاستسلام إذا بجمال يقرأ المنشور والكل صامت ينظرون إليه ثم يمسك مسدسه ويطلقه في الهواء ويطالب زملاءه بمحاذاته في إشارة للرفض وكأنه أمر عادي وسط الحصار أن تضيع الطلقات في الهواء! ورغم هذا يقدم مسلسل «ناصر» دراما إنسانية رائعة لحياة زعيم قومي ربما تلجأ للمبالغات أحيانا لكنها تستحق المشاهدة، ويظل التتر بصوت وائل جسار من أفضل تترات مسلسلات رمضان هذا العام.