مهمة ليست مستحيلة

في العالم الرقمي يمكن أن يتحقق المستحيل بطريقة قد تفوق خيال من يؤلفون أفلام الخيال العلمي‏,‏ وهذا ما حدث مع جون إدوارد الذي يعمل في مجال إصلاح وحدات التخزين الرئيسية وسبق له أن أنقذ البيانات المخزنة في حاسبات غرقت في نهر أو سقطت من سيارة أو تعرضت لحريق‏.‏فقد أستطاع جون إدوارد أن يحقق المستحيل فقد تمكن أن إنقاذ معلومات كانت مخزنة في أحد الحاسبات الإلكترونية التي سقطت من السماء وكانت موجودة في مكوك الفضاء كولومبيا الذي انفجر عام‏2003‏ وتحول إلي كتلة من النيران‏.‏

يقول هذا الخبير أنه عندما تم العثور علي وحدة التخزين كانت عبارة عن كتلتين معدنيتين محترقتين وكانت حافتهما منصهرتان من آثار الانفجار الرهيب للمكوك‏,‏ ويعمل جون كخبير في إنقاذ البيانات بشركة تسمي رول إنتراك وهو يقول أنه عندما شاهد هذا الحطام لم يستطع أن يتعرف عليه فلم يكن يشبه وحدات التخزين بأي شكل من الأشكال ولكنه يقول أن الشركة دائما ما تضع احتمالا للنجاح مهما كان الموقف السيئ الذي تواجهه‏.‏

وحدة التخزين كانت تسجل بيانات أحد التجارب العلمية علي سائل يسمي زينون وقد تم إرسال بعض البيانات إلي الأرض عن طريق موجات الراديو من المكوك قبل انفجاره بينما تمكن جون إدوارد من إنقاذ باقي البيانات التي سقطت علي الأرض لكي يتمكن العلماء من نشرها في مجلة العلوم الأمريكية في أبريل‏2008‏ أي بعد خمس سنوات من الحادث‏.‏

وقد سقطت وحدة التخزين من اعلي الغلاف الجوي للأرض لتقع في ولاية تكساس ويتم اكتشافها بعد ستة أشهر‏,‏ وعندما بدأ الخبير في التعامل مع وحدة التخزين لم تكن فقط الحالة السيئة للغلاف الخارجي للوحدة هو الذي يدعو إلي التشاؤم ولكن أيضا الغلاف العازل الذي يحمي الوحدة من الأتربة قد نزع من مكانه وأصبح السطح المغناطيسي الذي يسجل البيانات بطريقة فائقة الدقة عرضه لدخول الأتربة التي من الممكن أن تدمر تماما أي بيانات مسجله علي السطح الحساس‏.‏

لحسن الحظ أن الأسطوانات المعدنية التي يوجد علي سطحها المادة المغناطيسية التي يسجل عليها البيانات لم يحدث بها اعوجاج‏.‏ الغريب أن وحدة التخزين التي تبلغ سعتها‏340‏ ميجابايت والتي تم تسجيل بيانات علي نصف سعتها قد حدث التلف بها في الجزء الخالي من البيانات‏.‏

العامل الثاني الذي ساعد علي أنقاذ البيانات أن الحاسب الذي كان يتعامل معها كان يعمل بنظام‏DOS‏ القديم الذي كان لا يستطيع أن يسجل الملفات إلا في مساحات متصلة ولم يكن يستخدم التقنية التي تمكنه من تقسيم الملف إلي أجزاء متباعدة كما هو الحال في نظم التشغيل الحديثة‏.‏ بسبب النظام القديم لتخزين الملفات تم إنقاذها حيث كانت توجد في مساحة متصلة لم يصيبها التلف‏.‏

بعد حوالي أربعة سنوات من العمل المتواصل أمكن استخراج‏99%‏ من البيانات التي كانت مخزنة بالوحدة التي احترقت وانصهرت في مكوك فضائي أنفجر علي حافة الغلاف الخارجي للكرة الأرضية‏.‏ جون أدواردز حاول إنقاذ وحدتين أخريين للتخزين كانتا بين حطام المكوك كولومبيا ولكنه للأسف لم يتمكن من إنقاذ البيانات المخزنة بهما‏.‏