Queen .
عدد المشاركات : 12940 الدولـــــة : نقـــــــاط : 0 تاريخ التسجـيل : 19/04/2008
بطاقة الشخصية احترام قوانين المنتدى: (100/100)
| موضوع: حلم وحقيقة الأربعاء أكتوبر 22, 2008 8:45 am | |
| مَن˚ رآها جالسة على طرف الكرسي في غرفة الانتظار و نظر جيداً إلى يديها المتشابكتين تشدهما بقوة أدرك ارتباكها .. كانت ضربات قلبها تتسارع حتى لتحسّ أن تلك العضلة التي تضخ الدم إلى جسدها تريد أن تنفجر لتتناثر أشلاؤها في كل شبر من هذه الحجرة الصغيرة علّها تعبر عن انفعالها و اضطرابها .. تفرك أصابعها بشدة و لا تتساءل لماذا اصطبغ وجهها باللون الأحمر و اعترت قدميها برودة ثلجية فهي تعرف الأسباب .. نعم .. ستقابل مدير المشروع .. و تعرض عليه أفكارها .. لم الاضطراب إذن ؟؟ الاضطراب دليل عدم ثقة .. هي واثقة من نفسها و متحمسة لأفكارها كثيراً .. لطالما حلمت بهذه اللحظة و ها هي تتحقق .. ربما الاضطراب لأنها لم تصدق أن حلمها سيتحقق و ها هي هنا في غرفة سكرتيرة المدير تنتظر موعد دخولها إليه و ليس ذلك فقط فقد رحب بإعطائها ربع ساعة من وقته الثمين لتشرح له فكرتها ووجهة نظرها .. حسن أنها استمعت إلى نصيحة مدرسها .. لطالما قال لها أنت تلميذة متفوقة يا هند.. وأفكرك رائعة لم لا تستغلين وقت فراغك و تبدئين بالمران في مكتب أحد المهندسين ستستفيدين كثيراً من الانخراط في المجال العملي .. وسيستفيدون من نشاطك و أفكارك الرائعة .. و لو لم تكسبي مادياً إلاّ أن كسبك العملي سيكون كبيراً . تتردد و يجد في ترددها ضعف ثقة بالنفس .. لم تكن لتخبره يوماً أن الموضوع ليس بالسهولة التي يعتقد .. تذهب إلى مدير مكتب و تعرض عليه أفكارها فيعجب بها و يوظفها عنده .. لم تكن لتخبره يوماً بأنه ليس ممن تعرفهم من يمكن أن يكون لها واسطة للعمل في مكتب محترم .. هل تخبره بأنها حاولت في عدة مكاتب فعرضوا عليها التمرين المجاني بعمل يقتصر على الأعمال المكتبية مما لن يتيح لها التمرين الحقيقي .. هل تخبره أنها بحاجة إلى تلك القروش التي تكسبها من تدريس طفلين بعد دوامها الجامعي لتغطي بها مصارف كليتها الباهظة لأن والدتها لم تتمكن إلا من تقديم جزء بسيط منها ... هل تخبره أن ما يؤخرها هو تفكيرها الدائم بأنها لو فعلت ذلك فهي ستحتاج إلى ملابس جديدة بنوعية مختلفة لتظهر بالمظهر اللائق في المكتب الذي ستلتحق به .. حينها لن تناسبها وسائل المواصلات التي تستقلها .. هنا في الجامعة اللباس موحد و المواصلات مؤمنة و الاجتهاد هو أساس التفوق .. أما العمل .. شيء مختلف ليس عملك فقط هو أساس تفوقك .. ليست أفكارك و أهميتها أساس استمرارك بل سلسلة من الضروريات تتلاحق لتعطي الأولوية لغيرها .. ربما لو أخبرته بكل ذلك لغّير فكرته عنها و اتهمها أيضاً كما يتهم معظم من قابلهم بالسطحية و السعي وراء المظاهر الكاذبة .. لكنها الحقيقة .. هو الواقع الذي لا هروب منه .. الأستاذ غريب عن بلدتنا و لا يعرف جيداً أنه هنا في بلدتنا الكبيرة عليك أن تكون كبيراً لتعمل خاصة إذا كان طموحك كبيراً .. أما أن تكون صغيراً و من خلفية ملتصقة بالأرض فأنت ستبدأ زاحفاً .. و قد يساعدك ذكاؤك و عملك و تفوقك لترتفع لكنك تبقى صغيراً .. لا خيار لك في ذلك .. سنوات ثلاث تسيطر على هند هذه الأفكار كلما أعاد عليها الأستاذ رأيه .. أحياناً يذكرها بزملاء لها لم يبلغوا تفوقها و لا يملكون نشاطها و أفكارها و استطاعوا الحصول على عمل محترم .. أيضاً لم تكن لتخبره أنهم كبار .. ولدوا كباراً و كباراً يبدأون لأن من وراءهم كبير . دوماً لبست رداء الخجل و استترت به لتخفي ما في قلبها من مرارة و شوق لتحقيق ما يقول .. و تحلم كما هي اليوم تجلس على الكرسي في غرفة الانتظار و تدخل على المدير .. و تحدثه عن فكرتها في المشروع الفلاني الذي تحدث عنه في الصحيفة الفلانية و عن اعتقادها بضرورة الانتباه إلى النقاط التالية و عن أسلوب تنفيذها بطرق أسرع و أوفر مادياً .. و تحلم بتعابير وجهه المشجعة و نبرته المتحمسة لأفكارها و تختتم حلمها و هو يشد على يدها و يهنئها طالباً إليها الالتحاق بالعمل في الغد .. لتفيق على واقعها المر .. و تبتلع المرارة و تنتظر إلى الغد .. الغد الذي صار اليوم .. كانت تنتظر هذا اليوم .. حيث تتحرر من بعض الضغوط التي تكبلها من جميع الأطراف .. انتهت الدراسة فلم تعد بحاجة إلى المصروف الإضافي لتغطية تكاليف الكلية .. حصلت على شهادتها و لم يعد لها خيار في إيجاد العمل .. درجة التفوق التي حصلت عليها تخولها لعمل كبير في مشروع ضخم تثبت فيه قدرتها و أفكارها إلا أن التوظيف الحكومي لن يقدم لها سوى وظيفة عادية .. حاولت أن تحمل تفوقها و تقوم بجولة على المكاتب القريبة من بيتها لتوفير المواصلات .. كان السكرتير دائما لا يتيح لها مجالاً بالطبع لمقابلة المدير و يطلب اليها تقديم الطلب .. و ما أكثر الطلبات أوراق تكدس و ليس من مراجع لها .. يأتي صديق فيوظف صديقه . يطلب المدير طلبات العمل فيقدم له السكرتير ما يريد من أوراق لتجري الموافقة عليها .. كان كل صباح يحمل إليها عذابا ً متجدداً و يزيد الغليان في قلبها .. لتنصرف إلى الحلم .. تريد لنفسها طريقاً يوصلها إلى مكان عال ... هي لا تسعى وراء الكسب الكبير .. لكنها تحلم بتنفيذ مشروع كبير يدفع باسمها عالياً في سماء التفوق كل صباح تنتظر التعيين و لا يأتي .. حسنﹲ أيضاً أنها ذهبت منذ أسبوع لزيارة زملائها .. و رائعة تلك الصداقة التي جمعتها بأستاذها ليسألها عن أحوالها و يدعوها إلى مكتبه حيث حدثها عن مشروع قيد الدرس يعرف أنها تهتم جداً بنوعيته .. فاسترسلت و استرسلت حتى دفعته إلى توبيخها لعدم شجاعتها و دعاها للاتصال بمدير المشروع و عرض أفكارها عليه .. كان يعتقد أن ترددها تقاعساً و عدم عملها ثقة ضعيفة بالنفس .. وبخها بلهجة قاسية .. أرغت المرارة في داخلها و أزبدت فتدافعت الأمواج و انكشف الغطاء .. لم تجد مانعاً من خلع رداء الخجل الذي استترت به دائماً و أفرغت ما في قلبها من حيرة و قلق و حدثته صادقة عن السبب الذي من أجله ترددت دوما و خافت المغامرة و تراجعت عن المبادرة .. ذهل من كم المرارة التي تحتفظ بها في داخلها .. فاجأه مقدار القلق الذي تعاني منه .. صمت .. استمع إليها ملياً حتى أحستَ به الأب الذي رحل عنها و لم يبق منه سوى أمنيات تحملها والدتها و ترددها على مسامعها دائما قائلة : « كان أبوك يحلم أن تكوني مهندسة كبيرة ليفخر بك أمام الجميع .. فقد أحبها منذ صغره لكنه لم يستطع إلا أن يكون عاملا بسيطاً يبني الأبنية العالية و يبقى ملتصقاً بالأرض » .. و انتهت .. غالبت الدموع المتسارعة في مقلتيها .. لم تسمح لها بغسل الخوف .. اكتفت بالانفتاح و صمتت .. فاحتدم بكل أدب و بدأ عتابه بلهجة الأب الحنون مطالباً إياها بالهدوء و الروية .. ثم : - من قال لك أن الواسطة سارية المفعول في بلدتك الكبيرة فقط ؟؟ هي متفشية في كل مكان مسيطرة في كل آن .. فهل نستسلم لها .. ؟ هناك ربما دواء آخر أنصحك باستعماله .. الشجاعة و التحدي متسلحة بثقة كبيرة في النفس .. هيا ارفعي السماعة و تحدثي معه .. لا تتحدثي معه بلهجة الميتدىء .. بل بلهجة الواثق المتمكن .. و أنت أهل لذلك .. صدقيني .. لو لم تكوني كذلك لما شجعتك .. هيا .. و إن كان لا بد من دعم فأنا أعرض دعمي و أخولك استعمال اسمي للتعريف عن قدراتك .. هيا . لم ينتظر ردها بل رفع سماعة الهاتف و طلب الرقم المسجل أمامه و دفعها اليها .. ارتجفت .. جفت السوائل في حلقها .. لم يعد لصوتها نبرات .. ضربات قلبها فقدت سيطرتها على التتالي .. لقد أُخذت على حين غرة .. ألقت التحية و طلبت مدير المشروع و عرفت بنفسها ثم .. لم تعي ما تقوله .. كان يخرج منها انسيابياً .. و هي مذهولة ، لم تستفق إلا و هي تعيد السماعة إلى مكانها و تقول له .. لقد طلب إليﱠ الحضور يوم السبت القادم صباحاً في الساعة العاشرة و النصف لمناقشة الفكرة بشكل مفصل .. شد على يدها بفرح الأب الحنون و أرادت بعاطفة الابنة أن تحضنه .. تحيط بذراعيها و تمطره بالقبلات .. اكتفت بأن شدت على يده و شكرته بكلمات نقلت إليه كل ما يختلج في قلبها .. و خرجت من مكتبه و الذهول يلف نظراتها .. هل تصدق ما حدث .. كيف يقولون أن الواسطة هي سيدة المواقف و هي السبيل الوحيد لنيل الأماني .. خمسة أيام و هي تعيش في ذهول الفرح العميق و كأنها صارت مهندسة المكتب الأولى .. - كيف يا والدتي تقولين دائماً .. لو أن حولنا من تعتمد عليه لحصلت على أحسن وظيفة .. - اشكري الله يا ابنتي و لا تستبقي الأمور .. لا تخبري أحداً كي لا يصيبك أحد بالعين الحسودة .. ألف ما شاء الله حولك .. ها هي هنا .. وجهاً لوجه مع الموقف الذي حلمت به طويلاً .. مضطربة .. فهذا موقف يمكن أن يحدد مستقبلها كله .. ترى كيف ستخرج من هذا الباب ؟؟ و فجأة عادت إليها الأسئلة السابقة التي نستها و هي في قمة فرحها و ذهولها .. هل سينظر إلى هيئتها .. هل سيسأل عن اسمها و عائلتها ؟؟ و يعرف أباها و عمها .. هل سينتبه إلى ثوبها أم سيكتفي بما تحمل من أفكار و معلومات و حماس .. و دخلت من الباب .. و خرجت منه .. كان كل شيء كما حلمت .. أعجبه حماسها اقتنع بأفكارها .. و شد على يدها طالباً إليها الالتحاق بالعمل في الغد .. و لكن كمساعدة مبتدئة في الأعمال المكتبية حتى يجد لها مكاناً بجانب المهندسين فتقدم خدماتها .. و لن يمانع إذا أرادت الاطلاع على أعمالهم و الاستفادة منها و التمرين عليها لكن راتبها لن يكون إلا كمبتدئة فهي لا تملك من خبرة العمل شيئا .. هل هي خيبة أمل .. ماذا كنت تنتظرين ؟ أن يعينك مهندسة مسؤولة عن المشروع أم مديراً مساعداً .. افتحي عينيك جيداً .. ستبدئين من الأسفل شئت أم أبيت ؟ ربما شجاعتك كانت واسطتك لتبدئي بحيث لم تستطيعي ذلك دونها .. فاستغليها .. و ثابري .. ستثبتين نفسك و لا بد يوماً أن تتسلقي السلم بعزمك و تفوقك .. هذا ما حدثت به نفسها و اقتنعت .. بعد عدة أيام دعاها المدير و قال لها :- أرجو أن تنقلي سلامي إلى الأستاذ و أخبريه بأني لم أنس ترقيتك لكني أنتظر فقط مرور أشهر على عملك تثبتين فيها مقدرتك ..- أرأيت يا أستاذ .. الواسطة هي السبيل الوحيد لنيل الأماني ..- لكن انتبهي يا ابنتي .. فهي ليست السبيل الوحيد للمحافظة عليها . | |
|
صــــــادق .
عدد المشاركات : 11958 العـــــــمر : 114 الاوسمــــة : الدولـــــة : نقـــــــاط : 82 تاريخ التسجـيل : 14/04/2008
بطاقة الشخصية احترام قوانين المنتدى: (100/100)
| موضوع: رد: حلم وحقيقة الجمعة أكتوبر 24, 2008 6:37 am | |
| | |
|
Queen .
عدد المشاركات : 12940 الدولـــــة : نقـــــــاط : 0 تاريخ التسجـيل : 19/04/2008
بطاقة الشخصية احترام قوانين المنتدى: (100/100)
| موضوع: رد: حلم وحقيقة الإثنين أكتوبر 27, 2008 7:01 am | |
| | |
|
مجلة العرب الثقافية .
عدد المشاركات : 24244 الاوسمــــة : الدولـــــة : نقـــــــاط : 163 تاريخ التسجـيل : 14/04/2008
بطاقة الشخصية احترام قوانين المنتدى: (100/100)
| موضوع: رد: حلم وحقيقة السبت نوفمبر 01, 2008 12:11 pm | |
| | |
|
صــــــادق .
عدد المشاركات : 11958 العـــــــمر : 114 الاوسمــــة : الدولـــــة : نقـــــــاط : 82 تاريخ التسجـيل : 14/04/2008
بطاقة الشخصية احترام قوانين المنتدى: (100/100)
| موضوع: رد: حلم وحقيقة الأحد نوفمبر 02, 2008 9:46 am | |
| | |
|
Queen .
عدد المشاركات : 12940 الدولـــــة : نقـــــــاط : 0 تاريخ التسجـيل : 19/04/2008
بطاقة الشخصية احترام قوانين المنتدى: (100/100)
| موضوع: رد: حلم وحقيقة الأحد نوفمبر 02, 2008 1:18 pm | |
| | |
|