طريق السعادة الزوجية النسبية
لعل السعادة الزوجية مفهوما نسبيا كما لا نستطيع تعميمه، كذلك لا نستطيع قياسه فقط نستطيع أن نقول هناك رضا الزوجين عن حياتهما كيفما كانت الظروف بشكل عام.
وإذا سألت الرجل عن المرأة قبل الزواج يجيبك أنه يريد المرأة المثالية؛ وإذا سألت المرأة تجيبك أنها تريد الشخصية القوية.. ولكن الواقع شيء آخر...
كما نجد كثيرا من الناس من يرون الزواج وفق هواهم، والقليل منهم من يعرفون أن الزواج رسالة...
أما طر يق السعادة الزوجية النسبية فيمكن أن نضع خطته كالتالي:
1- هناك ثقافتين لا أكثر:
- ثقافة الانفتاح.
- وثقافة فقد الثقة.
* ثقافة الانفتاح: تنطوي هذه الثقافة من البحث عن الحل بين الزوجين على انفراد دون تدخل حتى الأبناء، خلق التآزر والشراكة بين الزوجين، تحسين حالة ما انطلاقا من خلل ما...
* ثقافة فقد الثقة: تنطوي هذه الثقافة على إظهار العيوب، البحث عن المتهم.. تؤول النتائج غالبا إلى الطلاق...
2- هناك نظامين لا أكثر:
- نظام الهرم.
- نظام الدائرة.
* نظام الهرم: هذا النظام يولد الخوف والسلبية؛ وتسوده قوة الاحترام.. لكن هذا الاحترام فقط من أجل تخفيف الضغوطات التي تسود الزوجة والأبناء...
* نظام الدائرة: يولد هذا النظام الثقة والاحترام والحوار المتبادل، والتآزر والانسجام.. لأن المجهود الجماعي يولد الشعور والتيقظ لتفعيل معنى الرسالة الزوجية...
فبنظام الدائرة يصبح كل واحد هو الأول والآخر في نفس الوقت، والعمل والمجهودات ليست موجهة لشخص معين لإرضائه، الكل يطمح في أسرة سعيدة؛ وبمفهوم آخر أي أن نواة الحياة الزوجية ليست هي: لا الزوج، ولا الزوجة، ولا الأبناء، النواة هي الرسالة الزوجية التي لا تتحقق إلا بالسعادة النسبية، من هذا الباب نفهم أن الأولوية والأهمية تعطى للرسالة الزوجية ليس للأفراد...
ففي نظام الدائرة كل واحد يشعر بمكانته وسط الأسرة، وكل واحد وإلا له مقام معلوم وجب عليه أن يتخلق بالأعراف، وبالمعاملة الحسنة، أي الخير للجميع ولكل واحد من أفراد الأسرة...
3- المبدأ التنازلي:
إذا كانت رؤية كل من الزوجين الحصول على حياة زوجية سعيدة يجب أن يكون من مبادئهم الأساسية التنازل لبعضهما البعض، وإسقاط الأنا. لأن هناك من من شيمته، أو شيمتها:
- تضخيم الأخطاء مع نسيان كل المحاسن التي مرت بينهما.
- عدم إخفاء الاختلاف والمجادلة أمام الأولاد.
- المرأة العاملة تتجاهل أن بيتها هو مسؤوليتها الأولى.
- البحث عن العيوب الخفية.
- استعمال أسلوب اللامبالاة.
هناك أشياء كثيرة يجب التنازل عليها إذا أقرّ كل واحد منهما أنه مليء بالعيوب.. ورب شاعر قال:
* وعين الرضا عن كل عيب كليلة ** كما أن عين السخط تبدي المساويا
* نظروا بعين عدواة لو أنها *** عين الرضا لاستحسنوا ما استقبحوا
* ارحم بني جميع الخلق كلهـــم ** وانظر إليهم بعين الحلم والشفقه
وقر كبيرهم وارحم صغيرهم ** وراع في كل خلق حق من خلقه
4- الاستيقاظ والتيقظ:
إذا اعترف كل واحد بعيوبه ونقصانه سوف يُعطي لحياته معنى يكون بمثابة القلب النابض لتحقيق الرسالة الزوجية، ومن ثم وجب البحث عن الهوية من أجل إعطاء القيمة للشخصية الحقيقية.
وبدون هذه العيوب لا يمكن أن تتحقق طريق السعادة الزوجية النسبية، لأن الاعتراف بالعيوب يجعلنا نغوص في باطننا الذي يُمكننا من العودة لبهاء فطرتنا الأصلية.
ومتى حصل الاعتراف بالعيوب وجب التغيير من السلوكيات، ومن ثم المشاعر نحو الغير لا محالة أنها سوف تتغير، لهذا فمن الأجدر أن تعمل الزوجة على أن تتغير هي عوض أن تحاول عبثا تغيير زوجها؛ وكذلك بالنسبة للزوج.
فالذي يبحث عن الحياة المثالية عليه أن يلتزم ويعتمد على ما في باطنه حتى يكشف عليه، وليس الحياة المثالية هي طريقة التغيير الخارجي. لأن الهدف الحقيقي للحياة هو الكشف الذاتي، أي: نكتشف كل ما هو جيد وقيم فينا.
5- الحب:
في هذا المقام يجب تخصيص الحب لله وفي الله، ليس المطلوب من الزوجة أن تخصص حبها لزوجها، ولا الزوج كذلك.. من هنا يتطبع الزوج على الزوجة، وكذلك الزوجة مما يجعل عدم التطلع إلى الغير، أي أن الزوجة لا يطرأ على ذهنها أن فلان أفضل من زوجها، ولا بالنسبة للرجل كذلك أن يقول فلانة، أو هذه المرأة أجمل من زوجتي.. والحب بينهما يتوقف عند حدود الكلمات الجميلة، والأحاسيس الدافئة، والاحتكاك الإيجابي وتبادل النقاش في مواضيع مختلفة من أجل تجنب المشاكل.. وباختصار إذا فهمت المرأة رغبات الرجل الحقيقية وحققتها جعلت بينها وبينه مودة توصلهم إلى طريق السعادة الزوجية النسبية...
6- المعاملة:
المعاملة دون فضائل وأخلاق عمرها قصير جدا.. فالرجل يجب عليه أن يعامل زوجته حتى يشعر هو بأنه قد أسعدها، وهي كذلك ترد بالمثل.. إلا أن هناك فرق في معاملة الزوج للزوجة، والزوجة للزوج؛ فالزوجة يجب أن تعامل زوجها كأنه طفل كبير، تعتني بهندامه، وملابسه، تستقبله عند دخوله من العمل، وكذلك أثناء خروجه من البيت تتفحص ثيابه وهندامه مع ابتسامة ودعاء الخير، أن تكون دائما على دراية أن الرجل من طبعه وفطرته يحب الاستقلالية والحرية فلا تحاول السيطرة على زوجها لأنها في النهاية ستفقد كل شيء.. وأخطر مسألة لا تنتبه إليها النساء هي ساعة تكون بمثابة متعة لدى الرجل في بيته عندما يحكي لزوجته عن بطولاته، كفاءاته العملية، صراعاته في العمل، مشاكله العملية... فإن سدت أذنيها وتظاهرت بعدم الرغبة للسماع لمثل هذه الأحاجي.. هنا تفقد المرأة روح المعاملة، وطال الزمان أو قصر سوف يبحث عن المرأة التي تسمع لصداه...
هناك أربع مسائل إن لم يلتمسهم الرجل من زوجته حتما يبحث عن غيرها ليحققهم سواء في الطريق الغير الشرعي، أو يُطلقها من اجلهم وهم:
- اللامبالاة.
- عدم العناية به وبالبيت وبالأبناء.
- عدم الطاعة.
- الامتناع عن الجماع، وعدم طول مدته.
7- العقيدة:
لعل الإنسان بدون عقيدة إنسان ميت، يعيش في الحياة الدنيا معيشة ضنكة، وفي الآخرة حياة الشقاء في ضوء لشريعة الإسلامية كما جاء في قوله، جل وعلا:
من هذه الزاوية فالطريق الذي يوصل إلى طريق السعادة الزوجية النسبية هو طريق الله ، ومتابعة الرسول – صلى الله عليه وسلم تسليما – في أحكامه. فمن أخذ بأحكامه واتبع ما أشار إليه فلا يتعذر عليه الوصول بخلاف من تهاون وتغافل.
فلا طريق أوصل إلا بمتابعته لأنه باب الله الأعظم وصراطه الأقوم: وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه.