braa .
عدد المشاركات : 1621 العـــــــمر : 37 الاوسمــــة : الدولـــــة : نقـــــــاط : 0 تاريخ التسجـيل : 09/09/2008
بطاقة الشخصية احترام قوانين المنتدى: (100/100)
| موضوع: جسم الخوف الأربعاء ديسمبر 10, 2008 10:30 pm | |
| الليل كان باردًا صقعا في بيت العم أبي قاسم. كان البيت يبدو في سفح الجبل، كأنما هو الوحيد في العالم. في الداخل، تحرك أبو قاسم على سريره، فتحرَّكَت عصا صيد النياص لصقَه. شمَّ رائحة زوجته المغادرة دون اعتراض حقيقي. بدا القلق على وجهه مثل علامة سؤال لامتناهية.ترى ماذا تفعل أمُّ قاسم الآن، في بيت والديها في الجبل المقابل؟ ولماذا هي استسلمت للحظة غضب فأخذت ابنهما وغادرت، تاركة إياه وحيدا يقاسي الليل وأشواق البعد؟ لماذا هو لم يمنعها؟ لماذا لم يواجهها؟ ولماذا لم يواجه خوفه؟ أوَلم يكن الأجدر به أن يقتحم دائرة خوفه؟ أن يقنعها أو تقنعه، وأن يضع حدًّا لعذاب طال مداه، وضاقت به النفس؟ أبو قاسم يعرف أن ما يجمع بينه وبين حبيبته المغادرة مصطحبة فلذة القلب، أكثر بكثير مما يفرق، فلماذا هو استسلم وتقبَّل انسرابها، تقبُّلَ صيادٍ عجزَ عن مواجهة نيص، تحفز لقذف أرياشه في لحظة مواجهة. لماذا هو تقبَّل ما حصل ولم يفعل شيئا، أوَلم يكن الأجدر به أن يتحرَّك، أن يفعل أي شيء يبقي الأمور تجري في أعنتها؟ كان أجدر به أن يواجه ترددَه، أن يبذلَ مجهودا، بدل تركها تغادر دون مواجهةٍ تُذكر. لا لا ما كان عليه أن يدع حليلته تغادر.استولى عليه شعور جارف بالثقة بالنفس، بالقدرة على المواجهة. هرع من فوره إلى باب بيته المطلِّ على بحر من الظلام ناشدا نور اللقاء. في الباب أحس بالبرد يزداد، وزأرت الرياح، ناشبة أنيابا مدماة في كل اتجاه، فارتدَّ إلى الوراء. تناول مِعطَفَهُ بسرعة ووضعه على كتفه، ثم ما لبث أن أحسَّ بالمزيد من البرد، فادخل يديه، في ردني المِعطَف.شعور بالدفء يجتاح أطرافه. برزت أمام عينيه صورة عقيلته وابنه قاسم، مناديا سائلا إياه: لماذا تركتنا يا والدي نغادر؟ لماذا تركتنا نبتعد عنك، لماذا لم تواجه مشكلة الخلاف بينك وبين والدتي؟.اندفع أبو قاسم إلى خارج البيت، بلغ سمعه نباح ضباع تحمله الرياح. رغبة شديدة في المواجهة دفعته للخروج. مؤكَّد أنه لن يكون وجبة لضباع الجبال، إنما هو سيواجهها. سيصل إلى بيت حميه وسيتفق مع رفيقة دربه، وسيعودان إلى بيتهما يرافقهما ابنهما، لتدبَّ الحياة فيه مجددا وليغادره البرد إلى لا رجعة.هو لن يكون بأية حال واحدًا ممَّن ذهبوا، من أبناء قريته "سيرين"، وجبات هنيئة مريئة للضباع، بل سوف يصل إلى بيت حميه، وسيكون له ما أراد.ارتدَّ أبو قاسم إلى الوراء. دخل إلى بيته، تناول عصا صيد النياص، أحكمَ يدَه على قبضتها، بدت ملامح قوة خارقة على وجهه. الضبع لن يمنعه من الوصول إلى زوجته وابنه. لكن لنفرض أن الضبع خرج لك من مغارته، ماذا ستفعل يا أبا قاسم؟ لا ادري، سأدع هذا للظروف، ما أدريه هو أنني يجب أن أصل إلى حيث أريد، ولن يمنعني لا الليل ولا الضبع. ولنفرض أن الضبع فاجأك؟ قلت لا ادري، ما أدريه أنني سأصل وسأعود برفقة زوجتي وابني. وإذا حال الضبع دونك ودون الوصول؟ أهشِّمُ رأسَه اسحقُه سحقا. يجب أن أزيل الخلاف مع زوجتي، ويجب أن أعيد الدفء إلى بيتي. هذا كل ما أدريه. غير هذا أنا لا أعرفُ شيئا. شدَّ على العصا بيده: لن أعود إلى الوحدة والصقيع، بعيدا عن غاليّي، مهما كلَّف الأمر.انطلق أبو قاسم يضرب في شعاب الجبل، ضرب العارف المحب، وكان كلما علا عواء الضباع، أحسَّ أنه يقترب منها، وأن ساعةَ المواجهة آتية لا ريب فيها.ليكن. أبو قاسم لن يتراجع، فحبيباه هناك خلف الظلام، ولا بد له من الوصول إليهما. ثم إنه إذا لم يكن من الموت بدٌّ فمن العار أن تموت جبانا! أقدِمْ يا أبا قاسم اقتحِمْ المصاعب، ومن بإمكانه أن يقتحم المصاعب مثلك، أنت يا من صاحبت الليل، البرد والصقيع، فألفتهما؟ أقدِمْ، فإما حياة تسر حبيبيك هناك في الجبل الآخر، وإما ممات يغيظ الضباع.قوة هائلة اجتاحت أبا قاسم، اندفع اندفاعة بطل قادر على مواجهة الأهوال، وصائد تمرَّس في صيد النياص. عثرت قدمه بحجر لم يره لشدة الظلام. وقع على الأرض. رفع رأسه، بادره جسم غريب كبير، أكبر من جسم الضبع بكثير. أحسَّ بكتلة من شعر ناعم تلامس وجهه. عبقت في الجو رائحة غير مألوفة مُسكرة، لم يشم مثلها في حياته. شعور بالنهاية اجتاح أطرافه. صار كتلة من الخوف. نظر حوله لم يرَ شيئا. كبرَ الجسمُ الغريب. أصبح بحجم الجبل. ابتعد عنه. أرسل همهمات هي الخوف عينه. اندفع باتجاه الجسم الغريب، اندفع الجسم الغريب موغلا في قلب الجبل، واندفع أبو قاسم وراءَه دون معرفة منه، كأنما هو كتلة خوف تريد أن تتَّحدَ بأصل انفصلت عنه للتو، فبدا الاثنان كأنما هما يتجاذبان للاتحاد في كل واحد.ركض الجسم الغريب، وركض أبو قاسم وراءه. لم يعد أثناء الركض أهمية للمعطَف، ولا للعصا، ولا لأي شيء. قذف أبو قاسم أشياءه كلها من عليه، واحدا وراء الآخر، فعري أو كاد، وكان كلما ركض أحسَّ برغبة أكبر في أن يصل إلى مُبتغاه، كي يتَّحد بالكُل، كان لا بد له من أن يكون جزءا منه.ركض الجسم وركض أبو قاسم وراءه، كانا يتجنبان ما يعترض طريقهما، كأنما هما يعرفان إلى أين هما منطلقان، وما هي غايتهما. كانا متفاهمين، دون أن يتفاهما، ومتفقين دون أن يتفقا. كل ما هم أبا قاسم في تلك اللحظة، هو أن يصل إلى قلب الخوف، خوفه، وأن يواجهه ويتحد فيه. الاثنان يركضان، الخوف الأوَّل، يخترق الظلام دون أن يلتفت إلى الوراء، والخوف الثاني يفعل الأمر عينه. لقد اتفقا على أن يتحدا مرة وإلى الأبد، اتفقا على أن يتداخلا، تداخل الروح بالجسم، ضمن عروة لا تنفصم إلا بانفصام مجدَّد، يبعد الروح عن الجسم، أو الجزء عن الكل.لكن متى يتداخلان؟ متى ينتهي هذا البعاد غير المبرَّر بين عضوي الجسم الواحد؟ متى يتحد أبو قاسم في كله الراكض أمامه. كان أبو قاسم كلما ركض أكثر، شعر بهذه الرغبة تزداد، وبقي يركض، وكله يركض أمامه، إلى أن وصل كله إلى مغارة منخفضة الجبهة، وانسرب فيها، جاذبا وراءه أبا قاسم، وهوب.. ارتطمت جبهة أبي قاسم بجبهة المغارة، فاهتز جسده اهتزازة شديدة، وانتفض الجسد في محاولة لاستعادة الحياة المغادرة.مد أبو قاسم يده إلى جبهته، شعر بلزوجة تعلوها. أدنى يده من عينيه. رأى عليها دما. إنه دمه، إنه هو من يقف في باب المغارة، كانت هذه إذًا ذروة المواجهة. ارتدَّ أبو قاسم إلى الوراء.ركض باتجاه بيت حميه، حيث زوجته الغاضبة وابنه، بالضبط مثلما ركض وراء ذلك الجسم الغريب.ركض وركض وركض، وبقي يركض إلى أن تراءى له ضوءٌ ينبعث من بيت بعيد، هناك في الجبل المحاذي. إنه بيت حميه، كان متأكدا من ذلك، لهذا غذ الخطى وكان كلما تراءى له وجه رفيقة دربه وسنده في الأيام القادمة غذ الخطى أكثر، إلى أن وصل. | |
|
صــــــادق .
عدد المشاركات : 11958 العـــــــمر : 114 الاوسمــــة : الدولـــــة : نقـــــــاط : 82 تاريخ التسجـيل : 14/04/2008
بطاقة الشخصية احترام قوانين المنتدى: (100/100)
| موضوع: رد: جسم الخوف الخميس ديسمبر 11, 2008 12:11 am | |
| braaa ra2e3aaaaa | |
|
S K A D
مشرف مجلة التكنولوجيا
عدد المشاركات : 3053 العـــــــمر : 36 الدولـــــة : نقـــــــاط : 174 تاريخ التسجـيل : 23/11/2008
بطاقة الشخصية احترام قوانين المنتدى: (100/100)
| موضوع: رد: جسم الخوف الخميس ديسمبر 11, 2008 12:55 am | |
| روعه براء انتي دايما مميزة | |
|
braa .
عدد المشاركات : 1621 العـــــــمر : 37 الاوسمــــة : الدولـــــة : نقـــــــاط : 0 تاريخ التسجـيل : 09/09/2008
بطاقة الشخصية احترام قوانين المنتدى: (100/100)
| موضوع: رد: جسم الخوف الخميس ديسمبر 11, 2008 8:03 am | |
| | |
|
braa .
عدد المشاركات : 1621 العـــــــمر : 37 الاوسمــــة : الدولـــــة : نقـــــــاط : 0 تاريخ التسجـيل : 09/09/2008
بطاقة الشخصية احترام قوانين المنتدى: (100/100)
| موضوع: رد: جسم الخوف الخميس ديسمبر 11, 2008 8:06 am | |
| | |
|
Queen .
عدد المشاركات : 12940 الدولـــــة : نقـــــــاط : 0 تاريخ التسجـيل : 19/04/2008
بطاقة الشخصية احترام قوانين المنتدى: (100/100)
| موضوع: رد: جسم الخوف الإثنين ديسمبر 15, 2008 8:12 pm | |
| | |
|