موقعة الزلاقة واحدة من أعظم المعارك التي دارت بين المسلمين والإفرنج ( الصليبيين ).
وسبب تسميتها بذلك وقوعها في مكان يسمى " الزلاقة "، وقد جرت أحداثها في شهر رمضان سنة 479هـ على ما ذكره الحافظ الذهبي في السير ، وغير واحد من المؤرخين .
وكان من شأن هذه المعركة : أن الأذفونش بن فرذلند صاحب طليطلة – قاعدة ملك الإفرنج – أخذ يجوس خلال الديار ويغتصب بلاد الأندلس الواحدة تلو الأخرى ، ويفرض الإتاوة على ملوكها، فنظر المعتمد – أحد ملوك الطوائف - في أمره فرأى أن الأذفونش قد داخله طمع في بلاده ، فأجمع أمره على استدعاء يوسف بن تاشفين ( أمير دولة المرابطين في المغرب ) ، فكتب إليه : إن كنت مؤثراً للجهاد فهذا أوانه فقد خرج الأذفونش إلى البلاد فأسرع في العبور إليه ، ونحن معاشر أهل الجزيرة بين يديك .
ولما بلغ يوسف بن تاشفين كتاب المعتمد جهز جيشه وعبر بهم البحر ، وعندما علم أهل الأندلس بذلك ، جهزوا أنفسهم لمساعدة أهل المغرب ، فلما رأى الأذفونش إجماع المسلمين على قتاله علم أنه عام حرب ، فأستنفر الصغير والكبير ولم يدع أحداً في مملكته يقدر على القتال إلا استنهضه ، وكان مقصودة الأعظم قطع تطلع أهل المغرب عن الأندلس وتخويفهم من القدوم إليها .
ولم تزل الجموع تتألف وتتوافد إلى أن امتلأت جزيرة الأندلس خيلا ورجالاًً من الفريقين كل أناس قد التفوا على ملكهم .
فلما تكاملت عساكر المسلمين في الجزيرة قصدت الأذفونش ، وكان نازلاً بمكان يسمى الزلاقة بالقرب من بطليوس .
وعلى مقتضى السنة قدم يوسف بن تاشفين كتاباً يعرض على قائد الصليبيين الدخول في الإسلام أو الحرب أو الجزية ، فلما سمع الأذفونش ما كتب إليه زاد في طغيانه ، وأقسم أن لا يبرح من موضعه حتى يلقى يوسف بن تاشفين ، وكتب إليه كتاباً يصف ما عنده من القوة والعدد وبالغ في ذلك ، فأجابه يوسف بن تاشفين على ظهر كتابه بقوله : " الذي يكون ستراه ". فلما عاد الكتاب إلى الأذفونش ارتاع لذلك وعلم أنه بلي برجل له عزم وحزم فازداد استعداداً .