مطار هيثرو البريطاني يتحول مأوى للمشردين

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

مثل أي مسافرة عادية قامت إيرام دار بتصفيف شعرها وزينت شفتيها، ووقفت في الصف لشراء كأس قهوة من مقهى في قاعة المغادرة بمطار هيثرو، أكبر مطارات بريطانيا، وأكثرها حركة وازدحاما. كان الوقت صباحا، وسرعان ما اندفع المسافرون أمامها للحاق بطائراتهم التي ستنطلق الى جهات مختلفة من العالم، أما هي فلم تكن في عجلة من أمرها، فهي لا تنوي السفر،
وليس لديها تذاكر ولا جواز سفر. فهي تعيش في الصالة رقم واحد بالمطار منذ عام ونصف العام. وسوف تمضي إيرام بعض الوقت في التسكع بين متاجر المطار، وربما اختتمت جولتها بشراء بعض الطعام لغدائها. وقد تعثر في تجوالها على صحيفة قديمة، وتنشغل بقراءتها لبعض الوقت. وعند حلول المساء، ستخلد للنوم على الأرضية في الممر الذي يصل بين الصالة رقم واحد ومحطة القطارات. ومع كل ذلك ترى أن "العيش في مطار هيثرو شبيه بالإقامة في فندق جيد. فالمكان دافئ ونظيف جداً، ولا أحد يضايقك. اعتقد أنني محظوظة لأنني أعيش هنا. أنام في نفس المكان كل ليلة، ما لم يسبقني إليه شخص آخر. وأحيانا ينظر المسافرون إلي بدافع الفضول أثناء سيرهم. ويتحرك عمال النظافة حولي، فأغمض عيني وأغطي رأسي حتى يبتعدوا عني. وإيرام واحدة من مجموعة اتخذت من صالات المطار سكنا، حيث أصبح المشردون يتجهون إلى المطار أكثر من أي وقت مضى، وخلال الثلاثة أشهر الأخير يقيم 111شخصا بصورة دائمة في ردهات المطار، وهذا العدد يتزايد باستمرار. كذلك يعيش 20مشرداً في مطار غاتويك، وهذا العدد قابل للزيادة. فالمطارات تعتبر مأوى مثالياً للمشردين، فهي دافئة ومريحة وأكثر أمنا من الأماكن الأخرى. ولكن حسب ما تقول المنظمات الخيرية ينبغي للمشردين الذين يعيشون في المطارات ممارسة لعبة القط والفأر طوال اليوم مع رجال الشرطة وحراس الأمن الذين لا يترددون في طردهم. ويقول بيتر مانسفيلد مدير إحدى المنظمات الخيرية "يحمل كل واحد من المقيمين في المطارات حقيبة صغيرة يحتفظ فيها بغيار لملابسه، ويستخدمون الحمامات للغسيل والحلاقة والمحافظة على مظهر لائق. ويظن من يراهم أنهم في طريقهم إلى السفر أو عائدون منه". ويلبس بعض المشردين قمصاناً زاهية، فيظن من يراهم أنهم في طريقهم الى قضاء إجازة في أحد المنتجعات، ولا تثور الشكوك حولهم. ويلجأ آخرون لاقتناء حقيبة بعجلات تجعلهم في انسجام مع زمرة المسافرين، ويسترون وجوهم بالصحف عند مرور رجال الأمن، أو الرقاد على الكنبات وتغطية أجسامهم كأنهم في انتظار رحلة متأخرة. ويقول هوارد سينكلير، الرئيس التنفيذي لجمعية برودوي الخيرية "إن العيش في المطارات لا يقل قسوة عن العيش في الشوارع". أحد هؤلاء المشردين يدعى هاربن ( 51عاما) وهو هندي كان قد هاجر إلى بريطانيا قبل 23عاماً وقد اختار العيش في مطار هيثرو منذ 6شهور، بعد انفصاله من زوجته ليجد نفسه في الشارع. ويقول "لقد حالفني الحظ بالوصول إلى مطار هيثرو، أصبحت بلا مأوى بعد انفصالي عن زوجتي". وبعد حلول الظلام وإقلاع آخر الطائرات، يصبح المطار هادئاً في الليل. وفي تلك اللحظات يتجه هاربن إلى مكانه المفضل خلف صفوف المسافرين النائمين على الكنبات في الصالة الطويلة. فيتمدد على البلاط على مقربة من مقهى إنترنت، ويغطي جسمه ببدلة ويخلد في نوم عميق، ولكن لساعات قليلة، لأن أحد حراس الأمن شاهده، فأيقظه، فخرج من باب الصالة ليجد نفسه في العراء تحت المطر.