المرأة في عز الاسلام

قال تعالى : ﴿هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور﴾


الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه وبعد:

لقد توالت الحضارات والديانات على مر العصور وكشفت لنا عن نظرتهم للمرأة والتي ماهي إلا نظرة دونية حقيرة أنزلتها من صفة الإنسانية الراقية الى الصفة الحيوانية .

فهاهي المرأة في الحضارة اليونانية قد وصفها أرسطو " إنها العنصر اللاعقلي في النفس البشرية"
والحضارة الصينية تصف المرأة بإنها مياه مؤلمة تغسل المجتمع وتكنسه من السعادة والمال.
والحضارة الهندية اعتبرتها لعنة ووباء فتاك .
اما رجالات النصرانية بعد سيدنا عيسى عليه السلام فقد وصل بهم سوء الظن بالمرأة الى الارتياب والشك في إنسانيتها وتساءلوا حتى في مجامعم الكنسية اذا ما كان لها روح كروح الرجل، وعما اذا كانت يجب ان توضع بين الوحوش ام بين الكائنات المفكرة، فقد ورد في مجمع عقد روما سنه 582م إذ قرر رجاله بإن المرأة كائن لا نفس له وأنها لهذا السبب لن ترث الفردوس ولن تدخل ملكوت السماوات وأنها رجس من عمل الشيطان وليس لها أن تتكلم ولا تضحك وعليها ان تقضي جلّ وقتها في خدمة الرجل سيدها.

أما عند العرب في الجاهلية فحدث ولا حرج فالمرأة عندهم أدنى من الرجل, والنظرة إليها نظرة دونية ورغم كل ما قرأناه في كتب التاريخ عن كرم العربي وشهامته إلا ان إحتقاره للمرأة وصل به الا أن يأد أبنته وهي حيّة إما خوفاً من العار أو الفقر أو السبي، قال تعالى ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾
كان يشعر بالحزن والأسى والغضب إذا بشّر بالأنثى قال تعالى ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ ( النحل 58) كما أنه لم يكن للمرأة عندهم حق في ارث أو حق في كسب أو تملك فعن عمر بن الخضاب كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئاً فلما جاء الاسلام وذكرهن الله رأينا لهن علينا حقاً" وعن إبن عباس رضي الله عنهما قال: " كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بإمرأته إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاءوا زوجوها وإن شاءوا لم يزوجوها فهم أحق بها من أهلها فنزلت هذه الاية : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾.

هذه هي صورة المرأة قبل الإسلام ن وفي ثنايا الكتبب من التفاصيل ما هو أفظع من ذلك ، فلما قدم الاسلام رفع من مكانة المرأة فكرمها أيما تكريم كرمها أماً يجب أن يبر بها وتحسن صحبتها فعن أبي هريرة ( رض) قال: " جاء رجل الى رسول الله متفق عليه
وكرمها أختاً لا بد من وجود من يعيلها ، وكرمها زوجة فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ()خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" رواه الترمذي وصححه.
فهي القارورة وكرمها بنتاً يجب العناية بها وتربيتها خير تربية لتكون ستراً من النار لذويها، فعن سعيد الخدري) قال: "لا يكون لأحدكم ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا دخل الجنة" رواه الترمذي. وعن عقبة بن عامر أن رسول الله )لا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات الغاليات" رواه الطبراني بسند حسن صحيح .
وصان عرضها وأعطاها حقوقها كاملة وحافظ على تلك المكانة التي أعظم بها المرأة ورفع من شأنها من خلال الدولة الاسلامية بتطبيقها منهج الله سبحانه وتعالى حيث كانت تصون أعراض المسلمين وتذوذ عنها وكلكن يعلمن كيف أن جيوشاً قد جيشت في عهد الخليفة المعتصم بالله من أجل شرف امرأة وعرضها.

ونماذج النساء المكرمات بالاسلام مازالت تضيء صفحات التاريخ ابتداءً بأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها التي أقرها ربها على لسان جبريل السلام لحسن صحبتها لزوجها الكريم محمد ( ، وسمية أول شهيدة في الاسلام، ونسيبة بنت كعب التي قال لها رسول الله (من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة" عندما دافعت عن رسول الله أنعم الله بهن من نساء أكرمهن الاسلام ورفع من شأنهن وحمى أعراضهن ودافع عن شرفهن فحافظن على دينهن وتمسكهن به أكثر فأكثر. وبقيت المرأة المسلمة شامخة كريمة عزيزة مصونة بعز الاسلام وحامية بيضة الاسلام على مدار أربعة عشر قرناً من الزمان حتى مطلع هذا العصر وقبل هدم دولة الخلافة ترفل في ثياب العز والكرامة لاتتمتع بحقوقها مثيلاتها من النساء لا في اوروبا التي كانت تعيش في ظل ماتبقى من تعاليم الديانة النصرانية ولا في افريقيا التي كانت فيها المرأة أسوأ حالاً منها في اوروبا.

ولما كانت المرأة المسلمة في هذا الوضع الرفيع فقد تعرضت للحقد والمكر من اعدائها أعداء دينها الذين بدأوا بالسعي لإفساد هذه الاجواء العطرة في حياتها وحياة مجتمع بأكمله عن طريقها وأدركوا أن هذا لا يمكن أن يتم الا بزعزعة عقيدتها وايمنها بالمنهج الرباني وإضعاف صلتها بربها وبرسولها وبدينها يقول زعيم المبشرين القس زويمر: " ليس الغرض من التبشير التنصير فقط ولكن تفريغ القلب المسلم من الايمان وإن أقصر طريق لذلك هو إجتذاب الفتاة المسلمة بكل الوسائل الممكنة لأنها هي التي تتولى عنا تحويل المجتمع الاسلامي وسلخه عن مقومات دينه" بهذا فقط يستطيعون نقل الدعوى، عدوى الاضطراب الذي تعيشه المرأة غير المسلمة في جميع أنحاء العالم الى هذه الامنة المطمئنة في بيتها وفي أسرتها وفي ظل منهج الله سبحانه وتعالى، فبدأت المحاولات التي لا حصر لها بدءاً بمؤامرة اليهودي في زمن الرسول ثم تجددت وجوه المؤامرات ضدها وبدأ عدوها وعدو دينها السعي حثيثاً لبث سمومه اليها من خلال مؤتمرات دولية واتفاقيات خاصة لحقوق المرأة السياسية وإعلان خاص بالقضاء على التمييز ضد المرأة مثل إعلان طهران لحقوق المرأة، ومؤتمرات خاصة لنفس الغرض كمؤتمر مكسيكو ومؤتمر كوبنهاجن ومؤتمر بكين ثم مؤتمر القاهرة ثم تلاه مؤتمر عمان سنة 2005 م ، ونوقش خلالها مواضيع تخص المرأة كموضوع المرأة والاعلام والمرأة والتنمية والمرأة والتعليم الى غير ذلك من موضوعات تخفي وراء بريق عناوينها خبثاً ومكراً ودهاءً يرمي الى تضليل المرأة المسلمة وإخراجها من نور تعاليم دينها الى ظلمات البعد عن منهج الله الذي صانها وحفظ عرضها وأعطاها حقاً في التعليم وحقاً في التنمية وحقاً في الرعاية وحقاً في النفقة وحقاً في التملك وحقاً في العمل وكل ذلك بما يتناسب مع طبيعتها كأنثى وبما يتوافق مع وصفها أم وربة بيت وعرض يجب أن يصان ووصى بها رسولها الكريم العظيم في خطبته العظيمة في حجة الوداع حين قال استوصوا بالنساء خيراً" رواه البخاري.
وجاء بعد بث سمومهم وافكارهم ليضموا المرأة المسلمة الى صفوفهم ويضموا صوتها الى أصواتهم لتنادي معهم بطلبب المساواة بالرجل في كل المجالات على الاطلاق بما فيها مجال التركيبة الفسيولوجية والتي وصلوا من خلالها الى عدم التحرج من الحديث علناً عن الزواج المثلي وأعطوا الاسرة من خلاله صورة خارجة عن ما يتصوره عقل بشري، صورة ليس من الضروري ان يجتمع فيها الذكر والانثى والاولاد بل يمكن أن تتكون من أمرأتين ورجلين.

وحاربوا في مناهج أبنائنا الدراسية الزواج المبكر واعتبروه شكلاً من أشكال العنف ضد المرأة وصورة من صور سلب الحقوق الخاصة بالمرأة ولم يلقوا بالاً الى ما يمكن أن ينتج عن ذلك من مشاكل عنوسة وإضطراب نفسي وإضطراب أسري .... ومالا يمكن حصره في ظل البعد عن منهج الله منهج الخالق الحكيم العليم الخبير اللطيف.

أما اللباس الشرعي والحرب القائمة ضد هذا اللباس فقد بدأت في بلاد الغرب ثم أنتقلت الى بلاد المسلمين لإرضاء أسيادهم، فهاهي تركيا وتونس والمغرب وغيرها تحظر لباسه في الجامعات والمؤسسات والبرلمانات بحجة الارهاب والحفاظ على الامن وبحجة أنه كبت لحرية المرأة وأنه أذى نفسي وجسدي يحجر العقل ويمنع من استيعاب الطالبة لمواد التعليم.

كل هذا حصل للمرأة المسلمة والمجتمع المسلم الذي تبنته هي بعد أن خدعوها بإعلانات بريقها وهمي وأرسلوا لها نساءً بريء منهن الله ورسوله تشربن كل هذه الافكار المسمومة وجئن ليحملنها معهن على انها المنقذ من براثن الاسر والاضطهاد كما صوره لها وجعلوها تخرج في مظاهرات مطالبة بحقوقها على زعمهم هم وراء صفية زغلول زوجة سعد زغلول ووراء هدى شعراوي التي اعتبرت أن حرية المرأة فعلاً لا تكون الا بالتخلي عن لباس عفتها الذي فرضه الله تكريماً وصوناً لها فقامت خلال مظاهرة من هذه المظاهرات بخلع غطاء رأسها واحراقه على مرأى ومسمع كل النساء والرجال في تلك المظاهرات حيث أعلنت أنها وفي هذه اللحظة تشعر انها حصلت على حرييتها.

وحدِّث ولاحرج عن نتائج هذه الحرية المشبوهة نساء كاسيات عاريات ونساء عاريات لاكاسيات وأسرٌ مضطربة وبيوت كبيوت العنكبوت ةاشباه رجال واطفال غير شرعيين من امهات غير متزوجات أو من ثمار زواج عرفي والذين وصل عددهم في مصر حسبما ذكرت جريدة الاهرام الى 12 ألف طفل لايعرفون آباءهم وحضانات وخادمات كافرات وشكوك واضطرابات وطلاق تصل نسبته في بعض المجتمعات الاسلامية والعربية الى ما يتجاوز ال 70% من حالات الزواج ومسلسلات وأفلام ومجلات وفضائيات والله والله لا ترى فيها العين التي مازالت على بيرة من ربها الا جاهلية حديثة.
كل هذه المشاكل تحتاج لحلها جهود وجهود إنسانية وعقلية ونفسية ومادية كان الاجدر بها أن تصرف لبناء دولة الاسلام وتطبيق منهج الله فيها على الوجه الذي يرضي الله ورسوله ويوفر لك أختاه ولمجتمعك بأكمله سعادة الدارين الدنيا والاخرة.
وليس أبلغ من شهادة المرء على نفسه بالاعتراف بخطئه حيث نصحت دراسة أجراها مفكرون امريكيون من جامعة هارفارد ( إحدى أعرق الجامعات الامريكية) نصحت النساء في الولايات المتحدة " بالإقتداء بالمرأة المسلمة في احتشامها واخلاقها داعية جميع النساء الامريكيات الى محاولة تقليد المسلمات في سلوكهن كسبيل وحيد لإنقاذ المجتمع الامريكي من الانحدار في طريق اللاعودة بسبب التدهور الاخلاقي وانتشار الامراض التي افرزتها العلاقات غير الشرعية بين الرجال والنساء فيه".
ان رؤوس الكفر اعترفوا على انفسهم انهم فشلوا في ابعاد الاسلام عن الارض فقد قال الدكتور علي رضا بيركمن عميد كلية الفنون في إحدى جامعات تركيا: " إذا ما زلنا في الذكرى 83 لإقامة الجمهورية نتحدث عن الخلافة والشريعة والرجعية وإذا مازالت العلمانية قيد البحث وإذا مازال الحديث يدور حول الخمار وغطاء الرأس فإن ذلك يعني اننا لم نفعل شيئاً طوال الـ83 عاماً وأن ذلك يعني أن جيلنا لم يقم بواجبه كما ينبغي".

وأنا أقول لكِ يا أختاه فكما خاطبكِ الغرب بكفره واستطاع تغيير صبغة مجتمعك من خلالك، يخاطبكِ الاسلام بالعمل على تغيير هذا الواقع المرير فأنتِ لستِ نصف المجتمع بل أنتِ المجتمع بأكمله لأنكِ نصفه بكيانكش كأمرأة مخاطبة من الله عزّ وجلّ ونصفه الآخر لأنكِ أنتِ التي تلد وتربي وتنشيء النصف الآخر فيه.
فهيا معاً لنعيد أمجاد الاسلام الى الارض بإعادة دولته وخلافته وإعادة كل مافي هذا المنهج من صلاح لنا، ولنحمله معاً الى غيرنا من الأمم كما حمله رسولك الكريم الى النساء والى الرجال على السواء.
أما اولئك المغرضين من دعاة تحرير المرأة فكفاهم كذباً ونفاقاً، فأي تحرير يريدون للمرأة المسلمة؟ تحريراً من إسلامها ومن شرفها ومن كرامتها؟؟؟
فلا والله فإن نساء المسلمين كريمات بإسلامهن عزيزات بعقيدتهن، هنَّ لسنَ ممن يبعنَ الشرف بالرذيلة والعزة بالمهانة، واللكرامة بالذل.
انهن بإذن الله صابرات ثابتات على دينهنَّّ عاملات لإقامة شرع الله في الارض من جديد، وإن فجر الخلافة لناظره لقريب.
فإلى العمل مع العاملات لإستئناف الحياة الاسلامية ندعوكن أخواتي لتنلنَ عزِّ الدنيا وثواب الاخرة قال تعالى : ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ ال عمران195

فدوش