الموسيقى

الموسيقى
وجد الإنسان فأوحيت إليه الموسيقى من العلاء لغة ليست كاللغات تحكي ما يكنه القلب للقلب
فهي حديث القلوب وهي كالحب عم تأثيرها الناس
الموسيقى كالمصباح تطرد ظلمة النفس وتنير القلب فتظهر أعماقه
والألحان أشباح الذات الحقيقية أو أخيلة المشاعر الحية
الإنسان لا يدري ما يقوله العصفور فوق أغصان الشجر ولا الجداول على الحصباء ولا الأمواج إذ تأتي الشاطئ ببطء وهدوء
ولا يفقه ما المطر عندما يطؤق بأنامله بلور نافذة
ولا يفهم ما يقوله النسيم لزهور الحقل
ولكنه يشعر أن قلبه يفهم مفاد جميع هذه الأصوات فيهتز لها تارة بعوامل الطرب
ويتنهد طوراً بعوامل الأسى والكآبة
أصوات تناجيه بلغة خفية وضعتها الحكمة قبل كيانه فتحدثت نفسه والطبيعة مرات كثيرة وهو واقف مقود اللسان حائراً وربما ناب عن لفظه الدمع والدمع افصح مترجم
الموسيقى ترافق أرواحنا وتجتاز معنا مراحل الحياة تشاطرنا الأرزاء والأفراح وتساهمنا السراء والضراء
وتقوم كالشاهد في أيام مسرتنا وكقريب شقيق في أيام شقائنا
وكم تأملت وجه سامع حساس فرأيت ملامحه تنقبض تارة وتنبسط طوراً وتنقلب مع تقلبات النغم واهتديت واستحكيت باطنه بواسطة ظاهره
الموسيقى كالشعر والتصوير تمثل حالات الإنسان المختلفة وترسم أشباح أطوار القلب وتوضح أخيلة ميول النفس وتصوغ ما يحول الخاطر وتصف أجمل مشتهيات الجسد
النهاوند
يمثل تفريق المحبين و وداع الوطن ويصف أخر نظرة من راحل عزيز يمثل شكوى الآم مبرحة بين ضلوع قوامها لظى الشوق
النهاوند صوت من أعماق النفس الحزينة
نغم متجسم من مهجور يسأل عطفا على رمقه قبل أن يضنيه البعاد
زفرات يأس أنشأتها المرارة وتنهدات قانط بثتها لوعة من أتلفه الصبر والتجلد

الأصفهان
حكاية عاشق دنف مات حبيبه فتقطعت عرى آماله وتواصلت زفراته فهو ينوح بأخر ما في حسده من الحياة ويرثي بقايا ما في حياته من الرمق
الأصفهان أخر نفس من منازع واقف في مركب الموت بين شاطئ الحياة وبحر الأبدية هو رثات الذات بنبضات متقطعة متواصلة وتنهدات عميقة
نغمة صداها سكينة تمازجها مرارة الموت والأسى وحلاوة الدمع والوفاء
وأن كان النهاوند حنين من يحيا ببعض الأمل فالأصفهان أنين من انفصمت عرى آماله
الصبا
نسمع الصبا فتستفيق منا قلوب حجبتها لحف الفم وتستيقظ وترقص بين الضلوع
فالصبا نغمة فرح نتسي المرء أتراحه فيطلب الراح ويشربها بلذة غريبة ويستزيد منها كأنه يعلم أن خمرة المسرة تسابقها فتحكم بالعاقلة
الصبا حديث محب مغتبط صارع الدهر وأرغم أنف البين وأسعدته الليالي بحلوه
فحظي بلقاء محبوبة جميلة في حقل بعيد فأولاه اللقاء فرحاً وابتهاجاً
الصبا كنسيمات تمر فتهتز لها أزاهير الحقل تيهاً وابتهاجاُ

الرصد
الرصد في سكينة الليل وقع على المشاعر يحاكي تأثير الكلمات رسالة جاءت من عزيز غالي انقطعت أخباره في بلاد بعيدة
فجاء الكتاب يحيي عاطفة الأمل ويعد النفس باللقاء
وكأن بمغني الرصد يخبر بقرب الفجر واندحار الظلام
في العتابا البعلبكية عتاب رقيق يراوح بين اللوم والتعنيف ولحنها مزيج من النهاوند المؤثر والصبا المفرح وفعلها في النفس فعلهما
فيا الموسيقى
كأنك صدى القبلة الأولى التي وضعها اّدم على شفتي حواء صدى له صدى
يا ابنة النفس والمحبة يا إناء مرارة الغرام وحلاوته يا أخيلة القلب البشري يا ثمرة الحزن وزهرة الفرح يا رائحة متصاعدة من طاقة زهور المشاعر يا لسان المحبين ومذيعة أسرار العاشقين يا صائغة الدموع من العواطف المكنونة يا موحية الشعر يا موحدة الأفكار ومؤلفة المشاعر من مؤثرات الجمال يا خمرة القلوب ويا بحر الرقة واللطف
إلى أمواجك نسلم أنفسنا وفي أعماقك نستودع قلوبنا فاحمليها إلى ما وراء المادة وأرينا ما تكنه عوالم الغيب
تعلم أيها الإنسان أن ترى بسمعك وأن تسمع بقلبك