أكثر ما يغيب عن المتحاملين علي الإسلام أن الشريعة الإسلامية تعطي للإنسان الحق في أن يفكر فيما شاء, كما يشاء وهو آمن من التعرض للعقاب علي هذا التفكير حتي لو أمتد تفكيره لإتيان أعمال تحرمها الشريعة الإسلامية, والعلة في ذلك أن الشريعة لاتعاقب الإنسان علي أحاديث نفسه, ولاتؤاخذه علي مايفكر فيه من قول أو فعل محرم, وإنما تؤاخذه علي ما أتاه من أقوال أو أفعال محرمة, يقول الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ في حديث نبوي شريف: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم.
ثم إنه يغيب عنهم سماحة الشريعة الإسلامية بشأن حق الاعتقاد حيث إنها أباحت حرية الاعتقاد وعملت علي صيانة هذه الحرية وحمايتها إلي آخر مدي.. فلكل إنسان أن يعتنق من العقائد ما شاء, وليس لأحد أن يحمله علي ترك عقيدته أو اعتناق غيرها أو يمنعه من إظهار عقيدته.
إن الإسلام يكفل حرية العقيدة للناس عامة مسلمين وغير مسلمين, من خلال نصوص صريحة تحمي هذه الحرية لغير المسلمين في بلاد الإسلام, ففي أي بلد إسلامي يستطيع غير المسلم أن يعلن عن دينه ومذهبه وعقيدته, وأن يباشر طقوسه الدينية, وأن يقيم المعابد والمدارس لإقامة شعائر دينه ودراسته دون حرج عليه.
ولعل أكبر دليل علي سماحة الشريعة الإسلامية هو أوضاع اليهود في الدول الإسلامية, حيث تحترم عقائدهم وتصان معابدهم ويسمح لهم بالتعبد علنا وبطريقة رسمية, بل إن لهم مدارسهم التي يدرسون فيها الدين اليهودي, ولهم أن يكتبوا ما يشاءون عن عقيدتهم وأن يقارنوا بينها وبين غيرها من العقائد في حدود النظام العام والأدب والأخلاق الفاضلة, وكذلك الحال مع إخواننا المسيحيين مع اختلاف مذاهبهم وتعددها, فلكل أصحاب مذهب كنائسهم ومدارسهم وهم يباشرون عباداتهم علنا ويدرسون عقائدهم في المدارس بكل حرية.
وأكبر دليل علي جدية الشريعة الإسلامية هو إقرار حق حرية التفكير وحق حرية الاعتقاد فضلا عن حق حرية التعبير الذي ينتقل بتفكير الإنسان واعتقاده إلي دائرة العلن لكي يكون ذلك بمثابة إشهار لصحة الحق في التفكير والحق في الاعتقاد!
لقد أباحت الشريعة الإسلامية حرية التعبير وجعلتها حقا لكل إنسان, بل جعلت حرية التعبير واجبا علي الإنسان في كل ما يمس الأخلاق والمصلحة العامة, وفي كل ما تعتبره الشريعة منكرا يجب التصدي له, يقول المولي عز وجل في سورة آل عمران: ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, ويقول أيضا عز وجل شأنه في سورة الحج: الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر صدق الله العظيم.
والأهم من ذلك كله أن الشريعة الإسلامية لاتسمح للإنسان بأن يؤمن بشيء إلا بعد أن يفكر فيه ويعقله ولا تبيح له أن يقول مقالا أو أن يفعل شيئا إلا بعد أن يفكر فيما ينتوي أن يقول أو أن يفعل.. اعقلها وتوكل!