رفعت العدالة الفرنسية الجمعة 27-2-2009 الرقابة القضائية عن الدبلوماسي الجزائري محمد زيان حساني، بعد سبعة أشهر من الحجز في قضية اتهامه بالمشاركة في اغتيال المعارض في حزب جبهة القوى الاشتراكية علي مسيلي بباريس عام 1987، في وقت كادت فيه القضية تحدث أزمة دبلوماسية عميقة بين البلدين، وغداة تصريح لحقوقي معارض للنظام، نسب اغتيال مسيلي للرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد "دفاعا عن شرفه".
ويأتي قرار القضاء الفرنسي بشأن مسؤول البروتوكول في وزارة الخارجية الجزائرية، عقب قيام الجزائر بحملة دبلوماسية شديدة اللهجة لإطلاق سراحه، كما يأتي عقب أيام فقط من ظهور نتائج سلبية لتحاليل الحمض النووي التي خضع لها الدبلوماسي حساني.
وبينما طالب عبد العزيز بلخادم وزير الدولة الممثل الشخصي للرئيس بوتفليقة مرارا بالإفراج عن حساني، وصف الوزير الأول أحمد أويحي الحادثة بأنها "مقلقة وتبعث على الانشغال"، ومن جهته قال وزير التضامن ولد عباس "إن قضية حساني تعتبر شوكة أصابت العلاقات الجزائرية الفرنسية"، أما وزير الاتصال السابق عبد الرشيد بوكرزازة فقد صرح بالقول إن "اعتقال حساني يعد سلوكا خطيرا من طرف السلطات الفرنسية".
"دفاعا عن شرف الرئيس"
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة "الخبر الأسبوعي" -في عددها الـ522 الصادر الأربعاء الماضي- نقلا عن علي يحيى عبد النور، وهو أشهر حقوقي معارض للنظام الجزائري، قوله إن "اغتيال مسيلي تم بأمر الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد دفاعا عن شرفه".
وأوضح أن "مسيلي أعاد نشر مقال جاء في الصحافة السويسرية، ونشره هو في صحيفته "ليبر ألجيري" التي كان يديرها بباريس، وتحدث فيها عن تصرفات السيدة حليمة حرم الرئيس الشاذلي بن جديد، ومنها رفض السيدة حليمة دفع ثمن خدمات توقف الطائرة الرئاسية بمطار سويسرا، وقالت -بحسب ما نسب إليها- إنها "رئيسة الجمهورية الجزائرية وليس عليها شيء تدفعه"، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الرئيس الشاذلي بن جديد، ويكون قد دفعه لتكليف رئيس ديوانه آنذاك الجنرال العربي بلخير التكفل بأمر المعارض مسيلي، بحسب ما قال علي يحيى عبد النور.
الحق في التعويضات
وعلّق فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان على قرار الإفراج عن حساني، بالقول "هذا دليل على اعتراف العدالة الفرنسية بخطئها في حق مسؤول دبلوماسي لا يزال في الخدمة"، معتبرا -في تصريح لـ"العربية نت"- أن "حساني بإمكانه رفع دعوى قضائية للحصول على تعويضات عن الضرر المادي والمعنوي الذي وقع عليه، خصوصا تضرر سمعته كدبلوماسي".
وكان الدبلوماسي حساني قد صدرت مذكرة توقيف دولية في حقه في ديسمبر/كانون الأول 2007، وأوقف الخميس 14-8-2008 في مطار مرسيليا مارينيان (جنوب شرق)، ثم أفرج قاضي الحريات عنه ووضعه تحت مراقبة قضائية.
وأعلن مصدر قضائي فرنسي -في وقت لاحق- توجيه الاتهام إلى المسؤول في إدارة البروتوكول في وزارة الخارجية الجزائرية محمد زيان حساني، بشبهة "تدبير اغتيال المعارض علي مسيلي في باريس عام 1987، والتواطؤ في جريمة اغتياله".
وقتل علي مسيلي (47 عاما) الذي كان يقيم في المنفى في باريس منذ 1965 بالرصاص في السابع من إبريل/نيسان 1987 في مدخل المبنى الذي يقيم فيه في باريس، الملف أغلق عام 93 وأعادت غرفة التحقيق فتحه بسبب استئناف مدعي الحق المدني.
وكان مسيلي يقوم بمهام الناطق باسم آيت أحمد، زعيم جبهة القوى الاشتراكية المعارضة وأحد المعارضين الرئيسين لنظام الجزائر.
ولعب مسيلي دورا مهما بين آيت أحمد وأحمد بن بلة، أول رئيس للجمهورية الجزائرية؛ الذي أسس في لندن في 1985 "الجبهة الموحدة للقوى المعارضة" للرئيس الشاذلي بن جديد.
وكان تحقيق أول جرى في فرنسا، وأدى إلى إغلاق الملف في 1993. لكن مدعي الحق المدني استأنفوا القرار, وقررت غرفة التحقيق في محكمة الاستئناف معاودة التحقيق.
وورد اسم المسؤول في إدارة البروتوكول في وزارة الخارجية الجزائرية في كتاب "جريمة دولة: قضية مسيلي"؛ الذي نشر في إبريل/ نيسان 1993 للصحافي ميشال نودي الذي كشف وجود شاهدين جديدين.