عندما نتحدث عن الجنس أظن انه من الطبيعي أن نعلم أن المرحلة العمرية الخاصة بالحديث تبدأ من المراهقة أو بعد الاحتلام ، ولعلنا نلاحظ أن الحديث فى مثل هذه الأمور قليل فى المواقع الدينية فلا نسمع الخطباء والكتاب يتناولونها بالحديث إلا قليلا ولا نعلم هل هذا من قبيل الحرج منه أو اتقاء تعليقات الاعتراض من بعض العامة أو لأن هذا الحديث لا يخص إلا قليلا من الشباب أو لأن الشباب يعرفونه من أحاديثهم سويا أم انه واجب الأسرة والمدارس فقط ؟ ومن الغريب أن أحاديث الرسول المتصلة بالأمور الجنسية قليلة وأكثر الموجود منها ضعيف فهل هذا يعنى أن حديث لرسول فى هذه الأمور قليل أم أن الصحابة تورعوا عن نقل أحاديث الرسول فى هذا الأمر حرجا وحياء .
أخيرا لا أظن انه يجب علينا نحن المسلمين أن نتجنب الحديث فى مثل هذه الأمور وكأننا نريد أن نصور أنفسنا ملائكة وان الناحية الجنسية لا تمثل فى حياتنا إلا جانبا ضيقا ولا تحتاج منا إلا القليل من الجهد فى الحديث رغم أن الإسلام أكد على أن هذه الناحية هامة ولا يمكن تجاهلها بدليل نهى الرسول عن الامتناع عن الزواج لان الشهوة الجنسية لا يمكن إخمادها وان القران عندما وضح الرغبات الداخلية التى يسعى وراءها البشر وضح أن منها الجنس فقال : " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب "....اى أن القران لم يغفل أنها أمرا حيويا فى حياة البشر ورغبات لا يمكن إنكارها ولابد من التعامل معها بواقعية وعدم التغافل عنها ، ولكن رغبات الإنسان تجاهها قد تختلف من شخص لآخر ومن وقت لآخر أى أن البعض تسيطر عليه شهوة النساء بحيث تمتلك عليه كل مشاعره وتفكيره بينما نجد آخر يتمنى جمع الأموال وامتلاك أكبر قدر من الممتلكات والعقارات ولا تشغله كثيرا قضية النساء وتواجدهن فى حياته ، وآخر يستحوذ على تفكيره المنصب والسلطة فهو على استعداد للتخلي عن كل شيء إلا المناصب والنفوذ ، وقد يحدث أن تسيطر على الإنسان شهوات مختلفة فى أوقات مختلفة ففى وقت ما تشتد عليه رغبة المال فيفتقده ويتمنى الوصول إليه وفى وقت آخر يشغل باله وفكره نيل المكانة والمنزلة بين الناس فهو على استعداد لبذل الجهد والمال لينال نظرات الإعجاب والاحترام ممن حوله . ووضح الرسول انه من استطاع الإنفاق وتحمل أعباء أسرة فعليه بالزواج حتى تهدأ نفسه لأن الأصل أن يتزوج الفتى إذا أتيحت له القدرة على ذلك وليس الأصل فى الإسلام أن يتخلى الإنسان عن حقوقه الطبيعية بزعم ساذج أنه لا يريد الانقياد وراء نزواته ورغباته ، ونتذكر الثلاثة الشباب الذين تعاهدوا سويا فتعهد أحدهم ألا يتزوج والآخر ألا ينام ليلا ويقوم الليل دائما والثالث أن يصوم العمر كله ولا يفطر أبدا فنهاهم الرسول عن ذلك وأخبرهم أنه لا يجوز أن يقهر الإنسان رغباته وأنه لا رهبنة فى الإسلام ونزل القران موضحا ذلك فى قوله " قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين امنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة " أى أن الآية تصرح أنه لا يجوز أن يحرم الإنسان نفسه من التمتع بالحياة وما فيها و أن المتمتع بهذه الأشياء لن يحاسبه الله عليها فى الآخرة فهى للجميع مسلمين وكفار فللجميع أكل الفاكهة ولبس الملابس الراقية والزواج وبناء البيوت الزاهرة و.... ولكن كل ذلك فى حدود ما أحل الله وبعيدا عن الإسراف المذموم فى الدين وجعل الإسلام عقوبة الزنا رادعة لأن شهوة النفس عنيفة إن انساق وراءها الإنسان أهلكته فيجب التصدي لها بعنف حتى تتاح لها وسائل التنفيس الطبيعية بالطرق الشرعية و إلا حدث الانفلات والانحلال الاخلاقى الذى يصعب التحكم فيه والسيطرة عليه بعد ذلك.
أخيرا يجب علينا أن نحاول بهذا الموضوع أن نجنب أبناءنا الوقوع فى بعض الأخطاء أو التعرض لبعض الأخطار .
وقد تناولت بعض الكتب المعاصرة هذا الأمر مثل " الإسلام والجنس و" المشكلة الجنسية فى الإسلام و" اللقاء بين الزوجين فى ظل الإسلام "ولعله من العبارات الجميلة فى إحدى هذه الكتب عبارة " أيها الشاب لما تستحي من مرحلة مر بها الرسول ص وصحابته الكرام ؟ ومر بها أبوك وكل إنسان تعرفه فلا تتحرج منها وتظن أنها تقلل من شانك أمام من حولك "فهل ننكر الرغبة الجنسية عند احد من الناس ولو كان الرسول ص نفسه ؟ سيكون هذا أمر غير طبيعى فان الرسول جاء بشرا مثلنا ليكون قدوة لنا فى حياتنا له نفس الرغبات ويشعر بنفس الإحساس من الجوع والعطش فى الصيام والخوف أثناء القتال والرغبة فى النساء أحيانا والألم عند المرض . فهل من العقل أن ننفى عن الرسول والصحابة والأولياء الصالحين هذه الصفات وكأنهم ملائكة من السماء لا يشعرون بما نشعر به ولا يعانون مما نعانيه ؟ بالطبع لا بل يجب أن نعلم أنهم بشر ممن خلق الله لهم نفس الصفات والرغبات والشهوات والآمال والآلام .
ونعود فنذكر أن حديثنا يبدأ بالمراهقة والبلوغ عند الفتيان والفتيات ، ونعلم أن البلوغ عند الفتيان يبدأ بالاحتلام وظهور بعض علاماته مثل الشارب وشعر الإبط وشعر العانة وعند الفتيات بالدورة الشهرية أو الحيض وظهور الشعر فى أماكن متعددة من الجسم ،وهنا نعلم ببلوغ الفتى والفتاة وتبدأ مرحلة جديدة من حياتهم لها منحنياتها ومتطلباتها ويجب أن ينتبه لها الشباب وآباؤهم ونعلم أن الشباب فى مرحلة المراهقة قد يتصف بصفات غير مألوفة عنه أمام أسرته ومعارفه مثل العناد وعدم الاستجابة لنصح الآخرين والاعتراض الكثير على ما حوله ومحاولة إظهار الذات أمام الآخرين بطرق متعددة فمن الفتيان من يحاول لفت الانتباه إليه بالتدين أحيانا بالإفراط فى مظاهر التدين بالزى أو الجدال فى المواضيع الشائكة رغبة فى إظهار معلوماته وقدراته ، والبعض الآخر يحاول لفت الانتباه إليه بالشذوذ عن الآخرين فى الهيئة والزى والكلام والأفكار والمقترحات فيجعل شعره أو ملابسه أو بعض مظاهر الزينة فى ملابسه غير مألوفة رغبة فى التميز عن الآخرين ولفت أنظارهم إليه مع أننا نعلم أن شرط الزى فى الإسلام أن يكون غير واصف ولا كاشف اى لا يصف أعضاء الجسم بسبب ضيقه وهذا بالنسبة للفتى والفتاة وغير كاشف أى لا يظهر أعضاء الجسم المحرمة فأعضاء الفتاة كلها حرام إلا الوجه والكفين وإذا كان الوجه جميلا بحيث يلفت انتباه الآخرين فهنا يكون الأولى هو النقاب إبعادا للفتنة وإثارة من حولها بجمالها ولكن إذا لم تكن الفتاة جميلة فالنقاب فى نظرى نوع من الخداع لمن يراها فيتوهم الناظر أن الفتاة بارعة الجمال فأخفت وجهها خوفا على من حولها من شدة جمالها ، وظروف الحياة من حولنا أصبحت تلزم الكثيرات أن تظهرن فى الحياة وسط الناس بسبب التعليم وفى المواصلات وغيرها ، ولهذا فأنا أظن أن الجميلة يجب أن تنتقب وان تخفى عينها أيضا فقد يكون إظهار العين أكثر إثارة وتركيزا لجمال الفتاة عندما يتجه نظر الرائى إلى العين فقط ولعلنا نعترف أن بعض النساء لا يمتلكن جمالا إلا فى أعينهن وباقى الوجه لا يتصف بالجمال اللافت للناظرين فلماذا تخفى هذه المرأة وجهها وتظهر عينها ؟! والأولى فى رأى أن تظهر وجهها كاملا فيراها الناظر على حقيقتها أو تخفى وجهها كاملا فلا ينخدع بها أحد ، وقد تكون الرغبة فى لفت الأنظار خطيرة بالنسبة للشباب والفتيان بإحداث المشاكل وبعض مظاهر العنف والبلطجة لإظهار القوة والشجاعة أمام الآخرين ، وفى كل الأحوال يجب على المجتمع أن يتعامل مع هذه المرحلة بفهم ووعى وعدم التصدي لها بمزيد من العنف والشدة فيؤدى لنتائج عكسية مضادة لما نأمله إلا إذا كانت مظاهر الانحراف ضارة ضررا حقيقيا للمجتمع والأفراد أو للفتى نفسه فعندئذ يجب اتخاذ موقف حازم تجاه ظواهر الانحراف خاصة فى مرحلة المراهقة التى أشرنا إلى أنها تتصف بالمناقضات عند الشباب فقد يتجه الشاب إلى الانحراف الشديد أو التدين المغالى فيه .
بالطبع تكون محاولة لفت الانتباه عند الفتيان موجهة للفتيات بما سبق ذكره من طرق ، ونفس الأمر بالنسبة للفتيات تكون محاولاتهن لفت الانتباه موجهة للفتيان بطرق مختلفة من الفعل والقول والزى حتى أن كثيرا من الخجولات وذوات الحياء قد يرغبن بهذا لفت الانتباه إلى حيائهن وأدبهن و أنهن أفضل من غيرهن من الفتيات المتحررات .
ولا نقصد بكلامنا أن هذه قواعد مسلم بها فقد يرتكب الفتى أو الفتاة بعض التجاوزات وليس فى نيتهم لفت انتباه الآخرين بقدر ما يكون مقصدهم التمرد على سيطرة من حولهم من أباء ومدرسين ومحاولة لإظهار قدرتهم على مخالفة من حولهم وعدم الخضوع والانصياع لهم وقدرتهم على تخطى القوانين وعدم الالتزام بها، ونؤكد أننا لا نقصد أن كل ذوى اللحى أو النقاب من الفتيات الصغيرات يقصدن لفت الانتباه لهن ولكن هذا موجود وآخرون لا ننكر اتصافهم بالإخلاص الكامل لوجه الله تعالى حتى لا يسيء البعض الظن بنا وكأننا نتهم اى شاب أو فتاة تلتزم بدينها أنهم يريدون الظهور فقط أمام الآخرين.
وفى هذه الأوراق نحاول التأكيد على عدم معاملة المراهق بروح التحدي بل بروح الرجولة والإكبار والقدرة على تحمل المسئولية والمشاركة فى التبعات، فهذه المعاملة تعطيه قدرا أكبر من الثقة بالنفس والرغبة فى المشاركة فى أعباء الحياة مع من حوله من أفراد .
ويجب على الوالدين توجيه النصائح إلى أبنائهم بطرق غير مباشرة لما سبق ذكره من رفض الأبناء لوصاية من حولهم وسيطرتهم عليهم ، ومن صغر الأبناء يجب أن يحرص الآباء على توجيههم الوجهة الدينية السليمة التى تمنح الابن بعض الآراء والأفكار والمفاهيم الدينية التى توفر الكثير من الجهد على الآباء من حيث التعامل مع الآباء والمسلمين وغير المسلمين والحيوان والبيئة وحفظ القران وبعض الأخلاق والآداب الإسلامية التى قد يقبلها الابن من المصادر الأخرى ولا يقبلها على هيئة نصائح مباشرة من الوالدين ، وهنا نذكر بأهمية التنشئة الأولى للطفل فى صغره حيث يسهل تشكيله وتقل معارضاته ويمكن توجيهه لما فيه نفعه بدون بذل جهد كبير من الوالدين ، وبالطبع لن يسهل ذلك بدون رغبة حقيقية من الآباء على صالح أبنائهم وان يكونوا مؤهلين لهذه التربية فيكون الأب والأم متصفين بصفة التدين فى معاملاتهم وصفاتهم وان يحسن الأب من البداية اختيار الزوجة الصالحة وألا تقبل الفتاة لزواجها إلا من يتصف بالتقوى والورع ، وهنا يمكن القول بإمكانية تنشئة أطفال صالحين فى بيئة لديها القدرة والإمكانيات لذلك .
ويجب على الآباء توفير الأدوات المساعدة للأبناء على التدين وفهم بعض الأمور الخاصة التى قد يتحرج الفتى أو الفتاة من الحديث فيها مع احد والديه ، فيجب وجود كتاب فقه السنة الذى يرى فيه الشاب أحكام الطهارة والوضوء والغسل وموجبات الغسل وأركانه ويعلم الفتى علامات المنى والفرق بينه وبين المذى والودى وتعلم الفتاة أحكام الحيض وكيفية التعامل معه من حيث المباحات والمحرمات والفرق بين الحيض والاستحاضة . ويحرص الآباء على توفير بعض أشرطة التسجيل التى تتحدث فى الدين وضرورة الالتزام بأحكامه حتى لو وجد الإنسان بعض الصعوبة فى تنفيذها فهذا اقرب لنيل رضا الله عز وجل ، ويجب على الآباء توفير بعض الكتيبات الصغيرة التى تتناول أمور الطهارة والبلوغ عند الفتيان والفتيات وشرحها بسهولة وبساطة وان تتواجد فى المنزل تحت نظر الأبناء ليحصلوا على ثقافتهم من هذه الكتب فى الأمور التى قد يشعرون بالحرج من الحديث مع احد فيها .
ويجب على الأب أن يتحدث عرضا وفى أوقات مختلفة وعلى شكل حوار عادى وليس وعظا ونصحا إلى ابنه بضرورة فهم بعض أمور الدين التى يحتاج إليها الإنسان فى مراحل حياته المختلفة فى تعلمه الصلاة والوضوء والسفر وأحكام الصلاة فيه والغسل وضرورة القراءة فيه وسؤال العلماء عن أحكامه وعدم الاعتماد على آراء الأصدقاء والزملاء فقط لأن حديثهم فى الغالب لا يعتمد على أدلة مؤكدة فيرهقون أنفسهم ويكلفون أنفسهم فوق طاقتهم بغفلة وجهل لاعتمادهم على آراء من غير المتخصصين فى أمور الدين .
وعلى الخطباء والعلماء والمدرسين ووسائل الإعلام من صحافة أو تلفزيون وجرائد ومجلات القيام بدورهم جميعا فى إرشاد الأبناء وتوجيههم لعقبات هذه المرحلة وكيفية تخطيها بأسلوب علمى ودينى مبسط ، وعلى وسائل الإعلام أن تبتعد عن الأساليب الرخيصة فى جذب الجماهير بإثارة الغرائز والشهوات وعرض ما يحرض الشباب على المعصية والإثم ، بل يجب علينا أن نبعد الشباب عن هذه الأمور لأنه فى مرحلة تتوهج لديه هذه الغريزة ويصعب عليه مواجهتها والتغافل عنها فلا يجوز لنا أن نضغط على هذا العنصر الغريزي المتوتر فى هذه المرحلة.
ونسمع عن إمكانية تدريس الثقافة الجنسية فى المدارس ، وهذا الأمر مما تتعدد فيه الآراء فلو أننا فى دولة دينية لوافقنا على هذا الأمر لأنه سوف يعرض بأسلوب لا يتعارض مع تعاليم الدين وآدابه وبالطريقة المناسبة بدون ابتذال أو عرض جارح لآدابنا وقيمنا و يجب أن تعرض خلاله للفتيات برامج مخالفة لما يعرض للأولاد بما يناسب كل منهم من حيث النمو الطبيعى لكل منهم وملامحه وكيفية التعامل مع هذه التغيرات الجسمية ، ولكن المعروف أن المناهج الدراسية فى بلادنا تأخذ فكرها وأسلوبها وفقا لمناهج الغرب وطريقة التدريس المتبعة فيه ، ولهذا لا يمكنا أن نوافق على تدريس الثقافة الجنسية للطلاب وفق منهج غير اسلامى ، ولعلنا سمعنا عن الندوات الحكومية التى تقام حاليا للمراهقين وفوجئنا أنها تدرس لهم كيفية الوقاية من الحمل الغير مرغوب فيه ، وكأن تلك الندوات تتحدث صراحة عن العلاقة الغير شرعية وكيفية تجنب أضرارها أو توابعها وإلا فما المقصود من الحديث عن موانع الحمل فى هذه المرحلة والأغرب هو توزيع بعض وسائل منع الحمل عليهم وعندما أنكرت الجمعيات الحكومية هذا الأمر ذكرت إحدى الجرائد أن لديها بعض الوسائل التى تم تقديمها للمراهقات خلال هذه الندوات ، إذن أصبح البعض يتعامل مع ظاهرة الزواج السري أو جرائم الزنا على أنها أمر واقع علينا التعامل معه وفق مناهج جديدة وأسلوب عصرى .
ونذكر البعض ممن يساهمون فى نشر وسائل الإغراء من مجلات وبرامج تلفزيونية وأفلام أنهم يشاركون فى نشر الفاحشة وأنهم يتحملون الوزر أمام الله ولهم نصيبهم من أوزار الشباب الذين فسدوا بسببهم ، وكما يقرر القران " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين امنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة " وقوله تعالى " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق " وقد يدعى البعض أنهم يشاركون فى الفن لتحقيق الرفاهية الفكرية أو الارتقاء الذوقي لدى أفراد الشعب وأن ما يقومون به فن راقى لا يقصد به إثارة الغرائز وأن العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة طبيعية لا يجوز إنكارها أو إغفالها ، ورغم هذا الكلام المنمق فإنهم يحاولون الالتفاف حول شرائع الدين ليدفعوا بنا إلى طريق الفساد والانحراف ولكن بمبررات عصرية وفى حالة رفضنا لها فالعيب فينا ونحن المتخلفون الرجعيون الذين نرفض الارتقاء بالشعب وذوقه وفكره ، ونذكر هؤلاء بقوله تعالى " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا "
ونعود إلى الشباب الذى يحتاج منا الاهتمام والنصح المستمر ولا أعنى النقد لكل ما يقوم به واتهامه الدائم والشك فى أخلاقياته فنعلم أن الوسيلة المؤقتة لحل قضية المراهقة وانشغال الشاب الطبيعى بأمر الجنس والعلاقة مع الآخر هى إشغال الشاب بالهوايات المتعددة التى تشغل أكبر قدر من وقته فيبذل فيها أكبر جهد فلا يجد الفراغ الذى يتيح له الفرصة فى التفكير فى غير ذلك من الأمور فيمكن للآباء إقناع أبنائهم بحب القراءة أو الكتابة وتأليف القصص أو كتابة المقالات والأبحاث والمساهمة فى الآراء الموجودة فى الساحة الفكرية والإطلاع على مجريات الأحداث الثقافية والدينية والسياسية وغيرها والمشاركة فيها أو يقنع الأب ابنه بالاشتراك فى الجمعيات الخيرية التى تتكفل بالفقراء أو اليتامى أو الجماعات البحثية التى تشرح الإسلام وتدافع عنه ضد المهاجمين أو تعلم لغة أجنبية والانضمام إلى مراكز تعليمها تطلعا لمستقبل أفضل يستطيع به دخول مضمار جديد فى مجالات الحياة المختلفة أو تعلم الكمبيوتر والتوغل فى مجالاته وتخصصاته المثيرة التى تجعل صاحبها ممن يفهمون لغة العصر ويستطيعون التعامل مع العصر بأسلوبه المناسب اختراق مجالات عمل لا يستطيعها إلا القليل من الباحثين والمتخصصين أو الدخول فى مجال الأدب والفن الراقى دون إسفاف أو انحراف أو المشاركة فى المجالات الرياضية سواء رياضات بسيطة أو عنيفة تضمن له قضاء أطول وقت ممكن وبذل الجهد البدنى الذى يشغله عن مثل هذه الخواطر الذى تشغل المراهقين وترهق تفكيرهم وتدفعهم إلى السلوك المريب أو الانحراف بخطوات سريعة لا نضمن الوقوف أمامها أو التصدى المناسب لها لأننا نعلم أن الشاب طالما ابتعد عن مظاهر الفساد فهو فى أمان ولكن إذا دخل دوامة الفساد وعرف طرقه وأساليبه فان التوغل فيها يكون سريع جدا من الصعب تداركه أو إيقافه فالأفضل هو عدم السماح بدخول أبنائنا إلى هذه الكهوف المظلمة والخنادق العميقة التى يتعسر على من دخلها أن يخرج منها . فلو دخل الفتى دائرة المخدرات والتدخين ومعرفة أماكن الفساد والرذيلة والعلاقات العاطفية المشبوهة لا يمكن رده بعدها بسهولة إلى طريق الرشد والصواب ومن الصعب إن تعرف الفتى إلى أصدقاء السوء أن نخرجه ثانية من بين أيديهم إلا بكفاح مرير وجهاد شاق ويجب على الأب أن يقاتل فى سبيل أبنائه وان يكون على استعداد لتدمير كل من يحاول إفساد أبنائه أو تحطيم مستقبلهم واستخدام كل الطرق لمنع المفسدين للوصول لفلذات أكبادنا وحبات قلوبنا التى لا نمتلك فى حياتنا أغلى منهم .