الإصلاح التربوي بالمغرب، عمليات لإنتاج الأخطاء؟
المقدمة
كلما حلت سنة تعليمية جديدة،وأقبل موسم الدخول المدرسي، حتى تطفح العديد من المشاكل، وتظهر الكثير من الاختلالات، وكأن منظومتنا التربوية أصابها مرض عضال مزمن، يستحيل معه الشفاء ،ويتعسر على ذوي الخبرة إيجاد الحلول الناجعة لإخراج قطاعنا التربوي التعليمي من النفق المظلم،حالة من التذمر، والسخط على الأوضاع، ومخططات، فاشلة ينتقدها رجال التعليم ، معبرين في ذلك عن رفضهم التام لكل القرارات العمودية ،التي صارت تنزل عليهم كل يوم، قرارات نابعة من تفكير أحادي يقصي ذوي الشأن أي: (اللي يديهم في العصيدة الحامية ماشي بحال اللي يديهم في الماء البارد) كما يعبر عن ذلك المثل المغربي الدارج.فالشعارات التي أصبحت الوزارة ترددها منذ 1956 إلى وقتنا هذا بين كل فينة وفينة ، ما هي إلا مجرد كلام فارغ،مل الرأي العام من سماعه،كلام لا يرقى إلى مستوى التطبيق المثالي، ولا يصل إلى درجة تحقيق الغايات المطلوبة منه، لتصبح النتيجة كما تعود عليها المواطن المغربي في كل مرة،هي الفشل الذريع في كل مسارات الإصلاح ،لتطوير الحقل التعليمي، لتتحول اليد التي سخرت للدفع بعجلة التقدم و الجودة، إلى مسحاب يشد إلى الخلف.
إن عملية تجاهل رجل التعليم باعتباره الركن الأساس في أجرأة المقررات والمناهج ،وتجاهل مجالسه التي هي على اتصال دائم بكل ما يطرأ في الحقل التعليمي من مؤشرات إيجابية وسلبية، واعتبار هذه الشريحة التربوية مجرد أوعية تفرغ فيها في كل يوم العديد من المذكرات والقرارات. لهو سبب أساسي في الفشل بعينه.لأن هذا المنطق في التعامل يجرد رجل التعليم من شخصيته ،إذ يعتبره مجردة آلة للتنفيذ ،وليس قوة إقتراحية هامة ومرجعا أساسيا بحكم التجربة التي يراكمها في كل سنة .وبه تخلق القطيعة في التواصل، وتنشأ الهوة في تقارب وجهات النظر، مما ينعكس سلبا على المسار التربوي بصفة عامة في بلادنا، لتصبح عملية الإنتاج(تربية النشء) عملية مهييضة، تفرز لنا أجيالا هشة ،لا تقوى على تحمل مسؤولية في قيادة قاطرة المغرب الجديد.بالإضافة إلى هدر المال العام،و بالتالي لتبرير هذا الفشل، والابتعاد عن تحمل المسؤولية في هذه الكبوات، تلصق التهم بالمدرسة والمدرس، وكثيرة هي التي تعلق بهذا الأخير .الذي صار اليوم المشجب رقم (1)الذي تعلق عليه كل أزمات هذا لقطاع،وبالتالي أصبحنا نراه اليوم يشتغل في ظروف نفسية واجتماعية جد متوترة.
قراءة سريعة في عمليات الإصلاح وما رافقها من الفشل
مباشرة بعد حصول المغرب على استقلاله.انطلق مجموعة من المواطنين الغيورين على وطنهم في العمل والاشتغال من أجل وضع مجموعة من البرامج التي تهدف إلى إصلاح أجهزة الدولة للدفع بالبلاد نحو التقدم والرقي واستدراك سنوات التقهقر التي فرضها المستعمر على الأمة المغربية ،وبعد تفكير وجدوا أن التعليم هو المخرج الأساسي والقاطرة الوحيدة الكفيلة التي من شأنها أن تحقق هذه الغايات.
1: إصلاحات 56 -63
· 1956 فترة التنظير والتأمل
· في سنة 1957 تم إنشاء اللجنة العليا لإصلاح التعليم والتي قررت بأن إصلاح المنظومة التربوية يتوقف على تعريب التعليم الابتدائي ـ توحيد البرامج مع تحديد السلك الابتدائي في 5سنوات والثانوي في ست سنوات مع ضرورة إحداث كليات وطنية.
· في سنة1958 تم إنشاء اللجنة الملكية لإصلاح التعليم والتي كان من قراراتها التراجع عن قرارات اللجنة السابقة ـ الرجوع إلى نظام السنوات الست في الابتدائي مع الرجوع من جديد إلى الفرنسية في الحساب والعلوم و إجبار التلاميذ على تكرار نفس القسم.
· في سنة1959 تم إنشاء لجنة التربية والثقافة التي أمرت بإدخال التعليم الخصوصي تحت وصاية وزارة التربية الوطنية مع إصدار قانون ينص على إحداث الجامعة وتنظيمها.
· في سنة 1960 تم إحداث لجنة الدراسات والبحوث حول التعريب التي دعت من جديد إلى تعريب المواد العلمية في السلك الابتدائي.
· في سنة 1961 التفكير في إعادة تنظيم هياكل وزارة التربية الوطنية مع انعقاد أول وآخر لقاء للمجلس الأعلى للتعليم.
· 1962 من جديد يتم التوقف عن فكرة تعريب المواد العلمية في التعليم الابتدائي .
· في سنة 1963، صدور ظهير ينص على إلزامية التعليم للفئة العمرية مابين7و13سنة ـ إحداث المندوبية السامية للتكوين المهني ـ تحويل اسم المعهد العالي للتعليم الثانوي إلى المدرسة العليا للأساتذة.
*فمن خلال قراءة تقييمية لهذه المرحلة، نلمس مدى التذبذب الكبير في اتخاذ القرارات ،مما أدى إلى تدني مستوى التعليم، لأن هذه الأفكار الإصلاحية كلها لم تكن تحضي بالإقتناع التام من طرف المسؤولين، بل جاءت بضغط كبير من الرأي العام الوطني الذي كان لا يتوقف عن المطالبة بتحرير النظام التعليمي من التبعية و الهيمنة الأجنبية، و ضرورة تكييفه مع واقع وحاجيات الوطن وخصوصياته.
2: إصلاحات 64 -72
· في سنة 1964، انعقاد المناظرة الوطنية حول التعليم بغابة المعمورة بحضور 400 شخصية على هامش البرلمان وتم تقرير ما يلي: بأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للتعليم في جميع المراحل ، وأن تعليم اللغات الأجنبية لا يصير إلا ابتداء من التعليم الثانوي.
· في سنة 1965صدور قرار يدعو إلى التراجع عن التعميم والتوحيد والمغربة بعد تقليص ميزانية التعليم.
· في سنة 1966يقدم السيد الوزير بنهيمة مشروعه للتعليم الذي يقرر ما يلي: تقليص شديد للتمدرس ـ إلغاء التعليم التقني والمهني ـ تمديد مدة الدراسة ـ العودة إلى الازدواجية في الابتدائي
ـ وقد برر السيد الوزير بأن اللجوء إلى هذا المشروع هو راجع إلى أن المبالغ المخصصة لتطوير قطاع التعليم تضر بميزانية الدولة
· في سنة 1967 من جديد يتم التوقف عن تعريب العلوم والحساب في الابتدائي، وتوقف مغربة الأطر.
· في سنة 1968 تم تقسيم وزارة التربية الوطنية إلى قسمين: وزارة تهتم بالتعليم الابتدائي ووزارة تهتم بالتعليم الثانوي والتقني.
· في سنة1969من جديد يتم تقسيم الوزارة لكن في هذه المرة إلى ثلاثة أقسام مع صدور مذكرة تقنن نسبة الموجهين إلى التعليم الثانوي ومذكرة تخص التكرار.
· في سنة1970 إحداث المجلس الأعلى للتعليم ـ تعريب مادتي الفلسفة والاجتماعيات ـ فشل مناضرة إفران ـ صدور بيان عن علماء ومثقفي المغرب والذي شمل 500 فردا ـ التحذير من ازدواجية اللغة مع الدعوة إلى التعريب العام ـ التحذير من الإشاعات الداعية إلى تحقير اللغة العربية مع التأكيد على مبادئ التعريب والمغربة والتعميم .
· في سنة 1971 يتم إحداث الباكالوريا التقنية.
· في سنة 1972 فترة صمت.
*وفي دراسة تقيمية نجد أن هذه الفترة تأثرت بالضغوطات المالية المتمثلة في التراجع عن الميزانية المخصصة للنهوض بقطاع التعليم ومن مساوئها التقليص في وثيرة التمدرس ويبقى دائما مشكل التأرجح بين فكرة التعريب أو الثبوث على مبدأ إزدواجية اللغةيشكل أزمة في تبني القرار النهائي.تراجع مؤشر النجاح
3: إصلاحات 73-83
· في سنة 1973 تتم العودة إلى الوزارة الموحدة الأسلاك.
· في سنة 1974الرجوع إلى تقسيم الوزارة إلى تعليم ثانوي وابتدائي ـ ظهور وزارة التعليم العالي ـ إحداث مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل تابع لوزارة الشغل.
· في سنة 1975 تقديم موسم الدخول المدرسي إلى16شتنبرـ صدور ظهير يرمي إلى إصلاح النظام الجامعي وهو نسخة مشابهة إلى حد ما من النظام الفرنسي.
· في سنة 1977 مرة أخرى يتم الرجوع إلى توحيد الوزارة ـ التأكيد على التعريب والتعميم والمغربة مع اعتراف السيد الوزير " عز الدين العراقي" بأن الإزدواجية في التعليم هي من أسباب تدهوره وتراجع مستواه .
· في سنة 1978،ينادي جلالة المرحوم الحسن الثاني بالتأكيد على بقاء الإزدواجية في اللغة ـ إحداث نظام المجموعات التربوية، ونظام التوالي ـ إحداث عدد من المفتشيات للتخطيط و التموين ـ انطلاق برنامج المغربة بالسلك الثاني
· في سنة 1979 إسناد محو الأمية إلى وزارة الشؤون الاجتماعية.
· في سنة 1980، بداية تعريب المواد العلمية في الابتدائي ـ انعقاد مناظرة إفران الثانية ـ صدور مشروع إصلاح التعليم ـ إحداث شعبة الدراسات الإسلامية بكليات الآداب ـ خروج المخطط الثلاثي يؤكد على:اـ تنمية التمدرس بالقرى . ـ ب ـ الحد من القبول في المؤسسات العليا ج ـ . توحيد مدة التكوين في أربع سنوات في جميع التخصصات.د ـ متابعة المغربة.
· في سنة 1981 إصدار الوزارة لـ"ميثاق وطني للتعليم" ـ تبني استراتيجية محو الأمية ـ البنك الدولي يتدخل في السياسة التعليمية بالمغرب ـ.
· في سنة 1982 تقديم الدخول المدرسي إلى 15 شتنبر.
· في سنة 1982 تقديم الدخول الجامعي إلى 15 شتنبر من كل سنة ـ تقنين تسجيل الموظفين.
· وفي دراسة تقييمية نجد أن هذه المرحلة تميزت بتراجع نمو التعليم بسبب استمرار نفس العوامل الاقتصادية الضاغطة التي أفرزت تراجع المردودية الداخلية للتعليم من حيث التمويل و التأطير و التجهيز ،مع بروز شلل شبه تام من طرف المسؤولين على مستوى الفعل والإنجاز،بالرغم من الشعور البين بضرورة الإصلاح الجذري للنظام التعليمي.
4: إصلاحات 83-94
· في سنة 1983، صدور قرار باعتبار التعليم قطاعا غير منتج ـ بداية العمل بنظام الأربع سنوات في جميع التخصصات ـ إصدار مرسوم يفرض رسوما للقبول بالمؤسسات الجامعية لكنه لم يطبق ـ تقنين التكرار بحيث لا يسمح بتجاوز سبع سنوات في التعليم الابتدائي.
· في سنة 1984، سجلت هذه السنة أكبر عدد من المطرودين.
· في سنة 1985، إحداث إدارة للتكوين المهني وتكوين الأطر التابعة لوزارة التجهيزـ تعليم إجباري لجميع الأطفال في سن التمدرس ـ انتقاء شديد على مستوى التعليم العالي ـ صدور إصلاح يهدف إلى:اـ تشجيع التعليم الخاص. بـ ـ تشجيع التكوين المهني. ج ـ إلغاء نفقات تجهيز التعليم العالي.د ـ السماح بتكرار واحد في الثانوي . ه ـ الحد من المنح الدراسية بالخارج .و إقرار نظام التعليم الأساسي.
· في سنة 1987، إحداث نظام الأكاديميات وامتحانات الدورات التسع مقسمة على ثلاث سنوات في التعليم الثانوي ـ إدخال نظام الوحدات بالسلك الأول من التعليم الأساسي ـ انطلاق سياسة تشجيع التعليم العالي الخاص
· في سنة 1988 ، تقسيم وزارة التربية الوطنية إلى كتابة عامة وثمان مديريات ومركز للإعلاميات.
· في سنة 1990وصول أول فوج معرب إلى الجامعة مع بقاء التعليم الجامعي مفرنسا ـ إصدار مشروع الإصلاح البيداغوجي الخاص بالتعليم العالي
· في سنة 1991 إقرار نظام الدورات الست مقسمة على ثلاث سنوات في التعليم الثانوي.
· في سنة 1993، تطبيق قرار الحد من منح التعليم العالي ـ تقسيم وزارة التعليم العالي إلى كتابة عامة وست مديريات
· في سنة ، 1994 إعادة تقسيم وزارة التربية الوطنية إلى مديريتين عامتين تشرفان على 14 مديرية مركزية ـ دعوة الملك إلى تشكيل "اللجنة الوطنية المختصة بقضايا التعليم التي انطلقت في أشغالها في غشت من نفس السنة ـ ارتفاع عدد المؤسسات الجامعية ليصل إلى 57 مؤسسة.
*وفي دراسة تقييمية فقد تميزت هذه الفترة بعدة مشاكل ترتبط بالتمدرس و الفعالية الداخلية، ولغات التعلم، وملاءمة التكوين لحاجيات التشغيل. ومن المعوقات أيضا هو تضاعف الطلب الاجتماعي القوي الذي لم تستطع دوالب الدولة مسايرته، ويبقى أيضا ظل قضية التعريب والازدواجية في اللغة عاملا مؤثرا في نتائج التحصيل.
5: إصلاحات 95 إلى حدود2000
· في سنة 1995 ، انتهاء اللجنة الوطنية المختصة بقضايا التعليم من أشغالها ودعوتها إلى ما يلي: ترسيخ القيم الروحية للإسلام و تعميم التعليم و إقرار إلزامية التعليم للفئة العمرية 6 إلى16 سنة، و اقرار المجانية نتيجة حتمية لأوضاع الأسر المغربية و اعتبار اللغة العربية محورا أساسيا للتعليم و ضرورة محو الأمية.و توحيد التعليم وتعريب المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
ـ وفي غشت من نفس السنة تم رفض نتائج اللجنة ،وبالتالي إقبار مشروعها ليصدر البنك الدولي قراره المتعلق بأوضاع المغرب والذي دعا إلى مراجعة مبدأ المجانية.
· في سنة 1997 ، الشروع في تطبيق نظام المسالك المزدوجة ـ صدور الدورية الثلاثية الخاصة بالجامعة عن وزراء الداخلية والعدل والأوقاف.
· في سنة 1998 ، تم تقسيم وزارة التربية الوطنية إلى وزارة التربية الوطنية و وزارة التعليم الثانوي والتقني.
*وفي دراسة تقييمية ، نجد أن الفشل كان سائدا في العديد من القرارات التي تميزت بها هذه الفترة ويرجع ذلك، إلى هيمنة السياسي و الإيديولوجي علىالميدان البيداغوجي التعليمي و ذلك على حساب المعرفي العلمي و الموضوعي، لا ديمقراطية في التعليم على مستوى الا ختيارات البيداغوجية و التنظيمية و التدبيرية و العلائقية،بروز الطبيعة المتخلفة والمعوقة لمحيط السوسيو ثقافي للمدرسة، تردي الأوضاع الا جتماعية و الا قتصادية لأغلب رجال ونساء التعليم و المتعلمين على السواء ليصبح التعليم العمومي هو تعليم يخص الفقراء بامتياز،عدم إخضاع التعليم "للعقلنة
· الإصلاحات الأخيرة من الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي تم التنظير له من طرف لجنة تتكون من34 شخصا شكلت على هامش البرلمان، في سنة 1999 وصادق علية صاحب الجلالة في أكتوبر من نفس السنة، إلى المخطط الاستعجالي الفاشل الذي اعتبره البعض بأنه الضربة القاتلة للقطاع، والمسمار الأخير الذي يغرس في نعش التربية والتكوين ببلادنا.
ـ لمذا فشل الميثاق الوطني للتربية والكوين في إنقاذ منظومتنا التربوية من حالة التذبذب والتيهان والإرتجالية؟
على مدى 53 سنة لم تستطع وزارة التربية الوطنية إيجاد الحلول اللازمة للعديد من المعضلات التربوية ،والتي بدل من أن تتراجع مؤشراتها، تفاقم الوضع وازداد سوء. كتفشي ظاهرة الأمية في الأوساط الفقيرة والمعدمة بحيث تبقى الأعداد الكبيرة والتي تقدر بالملايين خارج المنظومة التربوية كما أن ظاهرة الهذر المدرسي هي أيضا ظلت بدورها الكابوس المؤرق لكل المنظرين لعمليات الإصلاح ،بالإضافة إلى الفشل الدراسي الذي كانت أرقامه تلامس 13في المائة من عدد المتمدرسين ،ولعل الضربة القاتلة ،هي تفشي البطالة بين حملت الشواهد ليتحول التعليم في نظر المواطنين إلى لاجدوائية منه، لتتراجع شعبيته ويفقد شعلة رسالته النبيلة.
عندما برز الميثاق الوطني للوجود وعلقت عليه الآمال الكبار في معالجة هذه الحالات السالفة للذكر ،واعتبره بعض المتتبعين بالمشروع المتكامل.ليتبين في الأخير بأنه لا يختلف عمن سبقه من عمليات الإصلاح بالرغم من متانة بنوده وقوة برامجه. إن فشل الميثاق جاء وليد سوء في التذبير،وأخطاء كبيرة في أجرأة مفاهيمه، وهذا راجع أولا إلى:
1. عدم الفهم للغايات المرجوة من الميثاق.
2. الضعف في التكوين التي صاحبت عملية الأجرة.
3. ضعف الإمكانيات اللوجيستيكية بالمؤسسات التربوية لمسايرة عملية الجرأة. . فالقاعات الدراسية الغير الصالحة تفوق تسعة آلاف قاعة و60% من المدارس الموجودة بالأرياف غير مرتبطة بشبكة الكهرباء وأكثر من 75% لا ماء فيها، في حين أن 80% ليس لها دورات مياه بالإضافة إلى تردي جدران البنايات وقلة الوسائل الديداكتيكية.
4. تردي الأوضاع المالية والإقتصادية لرجال التعليم وارتفاع المعيشة خلق ظروفا نفسية واجتماعية صعبة لهذه الشريحة من المربين،مما أثرا سلبا على تطبيق بنود الميثاق.
5. استمرار هيمنة الفكر السياسي والإديولوجي على المسار التربوي.
6. وجود بعض الأفكار في الميثاق غير قابلة للتطبيق.
7. الاشتغال بمفهوم الكفايات أولا وبيداغوجية الإدماج لم تأخذ حقها في الشرح والإستيعاب من طرف المربين ليحسن تطبيقهما داخل فصول الدرس.
8. التزوير في نتائج الامتحانات ومطالبة رجال التعليم بالرفع من معدل عدد الناجحين الذي كان يصل 99 في المائة ، اثر سلبا على جودة المنتوج التربوي مما أثر بدوره على عمليات التحصيل في الأقسام اللاحقة.
.
· وحول هذه النقطة الأخيرة فقد كان السيد الوزير الحبيب المالكي ينادي بالشفافية في تقديم الأرقام لأنه كان يدرك حجم التزوير وماله من أثار سلبية على المردود التربوي.لتستمر الأخطاء وبدوره الوزير الحالي "أحمد خشيشن" وهو يعبر عن الفشل في إحدى خطاباته.حين قدم إحصاءات صادمة تعكس حجم الاختلالات التي تنخر جسد المدرسة المغربية ،قدمها أمام جمع من البرلمانين و المختصين بالشأن التربوي بحيث أفاد بأن 40% من التلاميذ لا يكملون دراستهم، إذ يغادر مقاعد الدرس أكثر من 380 ألف طفل قبل بلوغهم 15 سنة حسب إحصاء 2006.
· وجاء في دراسة أخرى بعنوان "التعليم للجميع" أن أكثر من 80% لا يفهمون ما يدرس لهم، وتضيف الدراسة أن 16% فقط من تلاميذ الرابع الابتدائي لايستوعبون المعارف الأولية لجميع المواد المقدمة.
وفي النهاية نصل إلى المخطط الاستعجالي الذي يبقى مجرد نسخة من سابقيه.وعدم جدوائته تكمن في عجلة خروجه وعدم خضوعه للزمن الكافي ليستوفي حقه في الدرس والدراسة.ومن أخر ابتكاراته هي المذكرة الوزارية 122 التي تطالب بالعودة لاستعمال الزمن القديم والتي أثارت غضبا كبيرا بات مفعولها ينذر بالدخول في المزيد من الاحتجاجات ليبقى الطفل هو الضحية وتستمر ريمة على عادتها القديمة.
الخاتمة
إن عملية الإصلاح هي مسؤولية جماعية، كما نلمس في بعض البلدان المجاورة التي خطت خطوات حقيقية في طريق الإصلاح وأعطت عندها مؤشرات النجاح علامات مميزة.
إذن هي مسؤولية الوزارة والأكاديميات والنيابات التربوية والمدارس إدارة وأطرا تربوية ومتعلمين واباء.كذلك هي مسؤولية كل مثقف يهتم بالشأن التربوي.وهذه المسؤولية يجب أن تنبني على روح التشاور والأخذ بالرأي والعمل الجاد في إطار تحمل المسؤليات على البحث على مكامن الخطأ لأن البحث الجيد النابع من الفضاء التربوي الحقيقي هو الذي سيساعد في التشخيص الجيد للداء.كما أن النهوض بأوضاع الشغيلة التعليمية ماديا مع إقرار مبدأ التشجيع والاحتفاء بالكفاءات والمجدين شرطأ أساسيا في تحسين العطاءات، لأنه سيخلق الحافز على البذل والإجتهاد.كما يجب التعامل مع تزايد عدد التلاميذ بشكل عقلاني ومدروس مع وضع سياسة واضحة المعالم في بناء المدارس التي تساير تطور أرقام المتمدرسين مع ضرورة توفير الأساتذة.ويبقى الارتقاء بجودة تأهيل المدرسين بالتركيز على الجانب التطبيقي الإجرائي والابتعاد عن الجوانب النظرية والدخول في جملة من المفاهيم الفلسفية الغامضة.وتطوير المناهج الدراسية صار أمرا ملحا،مع ضرورة جعلها سهلة في يد المربين وقريبة من محيط المتعلمين و نابعة من عمق ثقافتنا المغربية وقوميتنا العربية كذلك إن توفير المكتبات داخل المؤسسات التربوية يشجع على القراءة والبحث.
وفي الختام يصير التدبير الجيد للموارد البشرية والمالية القائم على الشفافية المبنية على روح التشاور والأخذ بالرأي والرأي الآخر والشعور بالواجب وتحمل المسؤولية مع إشاعة روح الوطنية والمواطنة من توابل الإصلاح.
نجيب الأسد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]