إذا نظرنا إلى تصرفاتنا وتصرفات الغير بشكل عام ولاحظنا انهماك الجميع في العمل للدنيا والسعي لها وطرحنا على أنفسنا وغيرنا سؤالاً استفهاميا عن السبب في هذا الانهماك لوجدت الجواب واحداً:" أعمل لتامين حالي ومستقبلي ومستقبل أهلي وأسرتي ومن ثم مستقبل الوطن " ومع موافقتنا الموافقة الكاملة على هذا الكلام وتأييدنا له تأييدا كاملاً وتاماً لابد من توضيح المغالطة هنا وتصحيح التفسير أيضا فنقول أما الحال فهو مفهوم وأما المستقبل فإلى متى وأين وكيف ؟ وهنا السؤال عن المكان والزمان والكيفية وتنجلي المغالطة كاملا إذا علمنا أن جواب الأغلب والأكثر من الناس أن الزمان: هو ما تبقى من العمر في هذه الحياة الدنيا, وان المكان : هو قطعة على هذه البسيطة التي نعيش عليها. والكيفية : طعام و شراب و قصر و سيارة .:.....الخ .
و إذا كانت المغالطة هي في مفهوم ما تقدم , فكيف يكون الصواب
و تصورنا له ؟ يكون ذلك في المفهوم الإسلامي للزمان والمكان و الكيف الموضح في الفقرة رقم"4" والغريب بعد ذلك هو: كيف تخدع نفسك
و غيرك أيها الإنسان ؟ و خاصة الإنسان المسلم و تدعي أنك تسعى لتأمين مستقبلك ومستقبل اهلك وأسرتك زماناًً ومكاناً وكيفاً .
ترى هل المستقبل زماناً هو هذه اللحظة الدنيوية التي نحياها ؟ وهل حقيقةً هي لحظة في عمر الزمن أم لا ؟!
وهل المستقبل مكاناً هو هذه البقعة اليسيرة من هذه الأرض التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة ؟!
وهل المستقبل كيفاً هو ما نشعر به من لذة أثناء الطعام والشراب واللباس والنكاح , وهو وقتي ومتقطع ومنغص في كثير من الأحيان ؟!
أم أن المستقبل زماناً: هو هذه اللحظة الدنيوية التي بقيت لنا والزمان الأخروي الأبدي .
والمستقبل مكانا : هو جنة عرضها السماوات والأرض لأفقر إنسان فيها قدر الدنيا وعشرة أضعافها ,أو نار كلما قيل لها هل امتلأت فتقول هل من مزيد؟.
والمستقبل كيفاً : هو حياة رغد في جنة فيها ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من النعم غير منقطعة أو منغصة .
أو حياة عذاب متواصل في نار لا يُسمع فيها إلا تغيظاً و زفيراً طعامها زقوم وشرابها حميم.
وبعد فحين أتكلم عن تامين مستقبلي ومستقبل غيري فها هو المستقبل زماناً ومكاناً وكيفاً واضح وضوح الشمس في رابعة النهار لكل ذي بصر وبصيرة ,لكل صادق مع نفسه ومع الآخرين وكما تتطلبه المصلحة الحقة التي لا مناص من الاعتراف بها .
وبعد فيا أخي المسلم ويا أختي المسلمة , يا أخي في العروبة يا أخي في الإنسانية : انظر إلى ما قلته بعين الإنسان الصادق ذي الرؤية الحقة الواضحة . الذي يكون صادقاً مع نفسه ومع غيره لا يكذب على احد ولا يغش أحدا , وإياك إياك أن تتغافل عما توصلنا إليه .
وانظر من خلال ذلك(1) إلى معرفة الحق في كل قضية من القضايا في أي جلسة من جلسات المحاورة والمناظرة مع الآخرين في أي بحث ومحاضرة ومجلس وحلقة .
اتقوا الله أيها الناس في أنفسكم واهليكم وإخوانكم ومجتمعاتكم , في أحاديثكم عن المجتمع والمجتمعات عن الفرد والأفراد , عن العلم والفكر والفلسفة والأخلاق والعمل والرجل والمرأة , عن أي بحث وفي أي مجال وفي أي قضية , ولا تغفلوا ولو للحظة عن البحث في كل مما سبق وغيره من خلال النظر إلى الزمان ككل والمكان ككل والكيفية ككل . ولننطلق في البحث عن الحق مما توصلنا إليه .